أبو العباس عبد الله السفاح

واحتفل الأستاذُ للحوادث التاريخيَّة، فلم يجد فيها ما يسوِّغ أن يكون ( أبو العباس أمير المؤمنين) سفَّاحًا سفَّاكًا للدِّماء، وزاد أنَّ ثقات المؤرِّخين كالطبري والدِّينَورِيِّ لم يذكروه إلاَّ مجرَّدًا من هذه الصفة، ثم رجَّح بدليل بيانيٍّ جيِّد أنَّ السفَّاح محمولٌ هنا على الأصل اللُّغوي؛ أي: الكريم المعطاء الذي يُتلف الأموال، ولا يبخل بها، ولكن الأستاذ ( أحمد أمين) ردَّ عليه بعضَ أدلته في العدد (49) فردَّها الأستاذ العباديُّ عليه في العدد (50)، وهكذا إلى العدد (52). و أنا قد أعجبتُ كلَّ الإعجاب ببحث الأستاذ العبادي، وإن كنتُ أخالفه كلَّ المخالفة، وذلك لأنَّه مبنيٌّ على منطق تاريخي جيِّد، ولأنَّه أراد أن يفرِّق فرقًا جيِّدًا بين كتب التاريخ وكتب الأدب القديمة من حيثُ الحُجَّةُ في برهانات التاريخ، فإنَّا نجد كتبًا من أعظم كتب الأدب تحمل على الخُلفاءِ من غثِّ الأخلاق ما تناقضه سِيرُ هؤلاء الخلفاء، كالذي يروون عن الرشيد - وهو بالمنزلة مِن الشَّرَف والعِلم والسياسة، وطول الانبعاث للغزو والحجِّ - من معاقَرةِ الخَمْر والملاهي والاطلاع على الحرم، واستباحة الأعراض، وغير ذلك ممَّا لا يمكن أن يصحَّ بوجه من الوجوه.

أبو العباس السفاح أمير المؤمنين

[١] [٢] نبذةٌ عن مؤسس الدولة العباسية هو عبد الله بن محمد بن علي العباسي، وكنيته أبو العباس، وُلد سنة مئة وخمسة للهجرة، بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء في الشام، وبُويع له في الخلافة سنة مئة واثنين وثلاثين للهجرة، [٣] ومن صفاته الخَلقية أنّه كان كان أبيض الجسد، جميل الوجه، طويل القامة، مجعّد الشعر، حَسن اللحية والوجه، فصيح الكلام، حسن الرأي، [٤] وللتشابه بين اسم أبو جعفر المنصور و أبو العباس السفاح أطلق المؤرخون على الأول اسم عبد الله الأكبر، وعلى الآخر عبد الله الأصغر. [٥] وفاة أبي العباس توفي يوم الأحد، الثالث عشر من ذي الحجة، سنة مئة وستةٍ وثلاثين للهجرة، في منطقة الأنبار العتيقة، وكان عمره ثلاثة وثلاثين سنةً، ودُفن في قصر الإمارة، وكان قد مضى على خلافته أربع سنوات وتسعة أشهرٍ على أشهر الأقوال. [٤] المراجع ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2913، صحيح. ↑ راغب السرجاني (2019-2-19)، "أبو العباس السفاح.. باب.كوم | الخليفة العباسي ( أبو العباس السفاح ). الظالم المظلوم" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-28. بتصرّف. ↑ الدكتور محمد سهيل طقّوس (2009)، تاريخ الدولة العباسية (الطبعة الطبعة السابعة)، بيروت: دار النفائس، صفحة 37.

الأنباء

هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، يكنّى بـ"أبي العباس" ويلقّب بـ"السفاح"، وهو مؤسس أركان الدولة العباسية وأول خلفائها. ابو العباس السفاح. مولده ونشأته وُلد أبو العباس في الحميمة من أرض الشراة من البلقاء –الواقعة في الأردن حاليًا- سنة 104هـ أيام حُكم الأمويين، وكان بنو أمية قد أقطعوا قرية الحميمة لجده علي بن عبد الله العباسي فمكث فيها. والده محمد بن علي هو أول من بدأ الدعوة العباسية التي تستند على أحقية آل البيت في الخلافة بهدف نقل الحُكم من بني أمية إلى آل العباس، لكنه مات قبل أن يقطف ثمارها، وأخلف بعده ابنه إبراهيم الذي تولّى قيادة الحركة السرية للدعوة، ثم كُشف أمره فعهد بالإمامة إلى عبد الله السفاح الذي أكمل المسير حتى تمّ له الأمر وقضى على الدولة الأموية مؤسّسًا بذلك دولة إسلامية جديدة هي الدولة العباسية. دور الدعوة العباسية في وصول أبي العباس إلى الخلافة انتقال الإمامة من البيت العلوي إلى البيت العباسي منذ مقتل الإمام علي بن أبي طالب والشيعة يحاولون جعل الخلافة في أحد أبنائه، فبايعوا الحسن الذي تولّاها مدّة ستة أشهر ثم تنازل عنها لمعاوية بن أبي سفيان. ثم ألحّ أهلُ الكوفة على الحسين لتولّي الخلافة بعد وفاة الحسن ومعاوية لكنه قُتِل في طريقه إلى البيعة في معركة كربلاء، أما محمّد بن الحنفية فقد بايع عبد الملك بن مروان الأموي على الخلافة عندما استقرّ الأمر إليه.

باب.كوم | الخليفة العباسي ( أبو العباس السفاح )

أهم الأحداث والأعمال التي حدثت في عهده: 1- قتل مروان بن محمد: شق على مروان بيعة السفاح فجهز جيشا وهو بالجزيرة فتقدم إليه أبو عون بن أبي يزيد في جيش كثيف وهو أحد أمراء السفاح فنازله على نهر الزاب وجاءت الإمدادات من جهة السفاح وعليهم عبد الله بن علي واشتد القتال وتخاذل عن مروان بعض جيشه فانهزم أصحاب مروان وهرب مروان حتى دخل مصر فلحق به صالح بن علي فقتله ببوصير من بلاد الصعيد ليوم الأحد لثلاث بقين من ذي الحجة. 2- الاستيلاء على دمشق: أثناء لحاق عبد الله بن علي بمروان، دخل دمشق بعد حصار دام أيام ثم افتتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان وهدم سورها وقتل كثيرا ممن بقي من بني أمية. 3- قتل أبي سلمة الخلال: كان أبي سلمة الخلال قد فرض نفسه وزيرا لآل العباس واستحوذ عليهم خاصة أيام اختفائهم وهروبهم من الدولة الأموية فلما استقر الأمور بعض الشيء لأبي السفاح أراد ا لتخلص منه فاستشار في ذلك قائد حركتهم أبي مسلم الخرساني وهو أمير على خرسان في ذلك الوقت وذلك عن طرق أخيه أبي جعفر المنصور وقد انتهى أمر المشاورة بإرسال أبو مسلم الخرساني مرار بن أنس فقتل أبا سلمة الخلال وبذلك تخلص السفاح من رجل كان يخشى على نفسه منه.

انتقال الخلافة إلى البيت العباسي أوصى إبراهيم يوم سجنه بنقل الإمامة إلى أخيه عبد الله أبي العباس، وأن يرتحل هو وأهله من الحميمة إلى الكوفة كي يحتموا من بطش الأمويين، فنفّذوا أمره ونزلوا عند القائم على الدعوة في الكوفة وهو "أبو سلمة الخلّال"، فكتم أمرهم وحرص على نقلهم من بيت لآخر كي لا يُكشف سرّهم، لكنه رأى إعادة الإمامة إلى العلويّين فبادر بالكتابة إلى ثلاثة رجال منهم يطلب منهم تولّي أمر المسلمين، وهم: جعفر الصادق بن محمد الباقر، عبد الله المحض بن حسن المثنّى وعمر الأشرف زين العابدين، لكنهم رفضوا. وحين علم الناس بموت إبراهيم الإمام، دخل النقباء على أبي العباس وسلّموا عليه بالخلافة، وكان ذلك يوم الجمعة 12 ربيع الثاني سنة 132هـ، فخرج إلى صلاة الجمعة وخطب في الناس وصلّى بهم، ثم دفع أخاه أبا جعفر ليستلم البيعة، وبهذا عيّن نفسه أميرًا للمؤمنين وخليفة لرسول الله ورضي به أهل الكوفة وخراسان، ولُقّب بالسفاح لأنه قال في خطبته: "يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا، أنتم الذين لم تتغيروا عن عليّ ذلك ولم يُثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زمننا وأتاكم الله بدولتنا فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا وقد زدتكم في أعطياتكم مئة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المبير".

لم تكن الخلافة ستنتقل إلى البيت العباسي لولا التنظيم السري الذي تميّزت به فترة الدعوة وما اتسمت به من دقة في الإعداد وبصيرة في التخطيط، فصارت بذلك منهجًا اتّبعه الفاطميون وعدد من الحركات السياسية للوصول إلي غايتهم في صمت. كما يعتبر انتقال حكم المسلمين من الأمويّين إلى العبّاسيّين نقطة تحوّل فارقة في التاريخ الإسلامي لأنّه لم يكن انتقالا عبر بيعة خليفة دون آخر، ولكنه نتج عن ثورة شملت غير العرب وفتحت الباب أمام تحوّلات كثيرة في مختلف نواحي الحياة، أهمّها انتقال عاصمة الدولة من دمشق إلى بغداد، قوة التأثير الفارسي في الأمور السياسية كطريقة الحكم ونظام الخلافة، وانصراف اهتمام الدولة إلى المشرق على حساب المغرب، مما سهّل استقلال الأندلس كدولة أموية وانفصال العديد من الأقاليم في المغرب العربي.