وتحاول أم مصعب مع العديد من النساء تشكيل رابطة تهتم بشؤون أمهات الأيتام بسبب الحرب، "للمطالبة بحقوق أبناء وزوجات الشهداء، لنطالب بحقوقنا ولنجعل مأساتنا جزءًا من أي حل أو مرحلة انتقالية ولإيصال صوتنا إلى المحافل الدولية". وعن الشأن القانوني يوضح المحامي حسام سرحان "أن مفهوم العدالة الانتقالية يشير إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما خلفته الحرب من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتتضمن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوعة من إصلاح المؤسسات. ومن أهم أركان العدالة الانتقالية بحسب سرحان هو "جبر الضرر"، وهو عبارة عن اعتراف الحكومات بالأضرار التي لحقت بالضحايا، وبناءً عليه تتخذ خطوات لمعالجتها. وغالباً ما تتضمن هذه المبادرات عناصر مادية،كالمدفوعات النقدية أو الخدمات الصحية، فضلاً عن أشكال من التعويض الرمزي كالاعتذار العلني أو إحياء يوم الذكرى. جبر الضرر لتعويض الأيتام في سوريا - حكايات سوريا. القاضي خالد شهاب الدين يقول أن من أحد أهم مبادئ العدالة الانتقالية "جبر الضرر" سواء بالنسبة للأطفال الأيتام أو النساء اللواتي فقدن أزواجهن ويتضمن العلاج النفسي والصحة والتعليم وتأمين المسكن وتعويضات مادية.
لم تستطيع ألوان الزهور التي غرسها بيديه الصغيرتين أن ترسم ابتسامة على وجهه أو تبعث السرور في قلبه. حديقة دار الأيتام، الذي بات مسكنه الجديد وعائلته، يعمل مصعب على تحويلها إلى لوحة شبيهة بحديقة منزله الذي دمره صاروخ ألقته الطائرات الحربية. مصعب (13 سنة) واحد من عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين فقدوا آباءهم نتيجة الحرب الدائرة في سوريا. عندما كان في السابعة من عمره قصفت الطائرات قريته في ريف حماة الغربي، راح والده ضحية القصف ومعه المنزل. انقلبت حياة مصعب كما آلاف الأطفال السوريين الذين يتمتهم الحرب، وغيّرت تفاصيل كثيرة في حياتهم. يقول مصعب: "كان أبي يوقظنا كل صباح ورائحة الحليب والفطائر التي أعدّها هو وأمي تملأ المكان، ويبدآن بإطعامنا أنا وأختي الصغيرة". وتتسلسل ابتسامة لطيفة على محياه وهو يتابع حديثه: "أختي لم تكن تشرب الحليب بمفردها، كانت فقط تمسك بالكوب، في مشهد يجعلنا نضحك، كانت ضحكاتنا تملأ البيت. كانت حياتنا سعيدة، في كل يوم كان أبي يذهب إلى عمله، وأنا وأختي إلى المدرسة والروضة، وأمي إلى عملها في المدرسة، ونعود لنجتمع، وقد عاد أبي يحمل بيده الحلوى والألعاب". "أنتم أغلا ما في حياتي، أنسى كل تعبي عندما أراكم… حين كانت أمي تسمع كلام أبي هذا كانت تغار وتسأله أنا شو؟ ويرد عليها بالقول: أنتِ روحي، أنتِ روحنا كلنا.