ارتكبت قريش خطأً فادحاً عندما أعانت حلفاءها بني بكرٍ على خُزاعة حليفة المسلمين بالخيل، والسِّلاح، والرِّجال، وهجم بنو بكرٍ، وحلفاؤهم على قبيلة خُزاعة عند ماءٍ يقال له: الوَتير، وقتلوا أكثر من عشرين من رجالها، (الواقدي، 2/781). ولـمَّا لجأت خُزاعة إلى الحرم الآمن، ولم تكن متجهِّزةً للقتال، لتمنع بني بكرٍ منه؛ قالت لقائدهم: يا نوفل! صبغات شعر بني فاتح رمادي غامق. إنَّا قد دخلنا الحرم، إلهك، إلهك! فقال نوفل: لا إله اليوم، يا بني بكر!
لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب! ولـمَّا عرَض السَّحاب مِنَ السَّماء؛ قال: إنَّ هذه السَّحابة لتستهلُّ بنصر بني كعبٍ. [البيهقي في الكبرى (9/233 – 234)، وفي الدلائل (5/6 – 7)، وابن هشام (4/36 – 37)، وابن كثير في البداية والنهاية (4/278)]. إنَّ هذا الفتح المبين ليذكره صلى الله عليه وسلم بماضٍ طويل الفصول كيف خرج مطارداً، وكيف يعود اليوم منصوراً مؤيداً، وأي كرامة عظمى حفه الله تعالى بها هذا الصباح الميمون، وكلما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعاً وانحناء، وقد حدث هذا الفتح العظيم في العشرين من رمضان في العام الثامن من الهجرة، حيث استطاع المسلمون من خلاله فتحَ مدينة مكة وضمَّها إلى دولتهم الإسلامية. سبب فتح مكة: كان صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة ينظم العلاقة بين المسلمين والمشركين لمدة عشر سنوات، وكان من بنوده المهمة أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخله، فدخلت قبيلة "خزاعة" في تحالف مع المسلمين، ودخلت قبيلة "بكر" في تحالف مع قريش. صبغة شعر كولستون بني رمادي فاتح جدا 6/1 - صيدليات تداوينا. وقد أدت التطورات والأحداث التي أعقبت صلح الحديبية إلى تغير في ميزان القوى بين المسلمين وقريش لصالح المسلمين؛ لأن المعاهدات التي تعقد في ظل اختلال موازين القوى لا بد أن تتغير عندما تتغير هذه الموازين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم -تقديرا منه لعهده وميثاقه- حافظ على ما ورد في صلح الحديبية، عالما ومدركا أنه لا بد من وقوع حادثة من جانب قريش تعصف بالصلح، وتجعل المسلمين في حل من التزاماته.
نتائج فتح مكة المكرمة: كان من نتائج فتح مكة اعتناقُ كثيرٍ من أهلها دينَ الإسلام، ومنهم سيد قريش وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم. وكذلك دخلت مكةُ تحت نفوذ المسلمين، وزالت دولة قريش منها، وأصبح المسلمون قوة عظمى في جزيرة العرب. وتحققت أمنية الرسولِ محمد بدخول قريش في الإسلام، وبرزت الدولة الإسلامية قوةً كبرى في الجزيرة العربية لا يستطيع أي تجمع قبلي الوقوف في وجهها.