تفسير آية إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ

إن من صور الكاسيات العاريات من تلبس ما يكشف عن أجزاء من بدنها أو الشفاف الذي يشف عما تحته أو الضيق الذي يبين تقاطيع الجسد. وقد عظمت الفتنة في هذا الزمان بهذا الصنف من النساء حتى صار الذهاب إلى الأسواق والمستشفيات والمطارات والمتنزهات من الأمور العسيرة على من يهمه أمر دينه والله المستعان. إن من أسباب هذا التفلت من الحجاب الشرعي التشبه بعادات المجتمعات المتحللة التي لا تحكمها قيودُ شريعةٍ صحيحة ولا عقولٌ رجيحة ولافطرٌ سليمة. ومنها السفر إلى تلك البلاد والاختلاط بأهلها. ومنها مشاهدة الأفلام وما جرى مجراها. ومنها تقصير أولياء الأمور فيما أوجب الله عليهم من تربية النساء على تعاليم الشريعة والأخذ على يد من تفرط في حجابها وحشمتها, وإن مما يدعو للأسف أن يغفل الأب عن بناته أو الزوج عن زوجته حتى تصل إلى مدى بعيد في التبرج والسفور ولكن الأسف يعظم أكثر حين ترى الرجل العاقل ومعه نساؤه على هيئة غير مرضية بمرأى منه ومسمع فما الذي غير هذا الصنف من الرجال ولعلهم كانوا قبل سنين معدودة من أشد الناس مقتاً لهذه المظاهر. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة طه - الآية 15. نعوذ بالله من الفتن التي تعصف بالقلوب والإيمان. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الباحث القرآني

كقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) وقوله: (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ). وقوله: (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ). قال ابن عطية: " قالت فرقة {أكاد} على بابها بمعنى أنها متقاربة ما لم يقع، لكن الكلام جار على استعارة العرب ومجازها, فلما كانت الآية عبارة عن شدة خفاء أمر القيامة ووقتها وكان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس بالغ قوله تعالى في إبهام وقتها, فقال: (أكاد أخفيها) حتى لا تظهر البتة, ولكن ذلك لا يقع ولا بد من ظهورها، هذا تلخيص هذا المعنى الذي أشار إليه بعض المفسرين, وهو الأقوى عندي ". فصل: إعراب الآيات (5- 6):|نداء الإيمان. وعلى هذا يكون المراد بالآية والله أعلم أن الله تعالى يقول: أكاد أخفيها فلا أذكر أنها واقعة أو أكاد أخفيها فلم أذكر من شأنها وأحوالها إلا بمقدار ضئيل قليل. أخوكم ومحبكم صالح بن سليمان الراجحي

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة طه - الآية 15

وَاَلَّذي ذُكرَ عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر منْ قرَاءَة ذَلكَ بفَتْح الْأَلف قرَاءَة لَا أَسْتَجيزُ الْقرَاءَة بهَا لخلَافهَا قرَاءَة الْحُجَّة الَّتي لَا يَجُوز خلَافهَا فيمَا جَاءَتْ به نَقْلًا مُسْتَفيضًا.

فصل: إعراب الآيات (5- 6):|نداء الإيمان

والأريكين: موضع ، والدميك: الشهر التام. وهذا الشعر لكعب بن زهير. وقوله سبحانه وتعالى: ( لتجزى كل نفس بما تسعى) أي: أقيمها لا محالة ، لأجزي كل عامل بعمله ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [ الزلزلة: 7 ، 8] و ( إنما تجزون ما كنتم تعملون) [ الطور: 16].

تفسير: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)

جاء في الآية 15 من سورة طه:" إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى". قال الطبري رحمه الله:" أكاد أخفيها من نفسي، لئلّا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم". ويوضِّح مقصد الطبري ما نُقل عن السدّي:" كتمتها عن الخلائق، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت". ويحمل بعض المفسّرين هذا المعنى على المبالغة، فمثل هذا التعبير مستخدم في العربيّة للمبالغة. وقال الألوسي:" وحاصله أكاد أبالغ في إخفائها فلا أُجمِل كما لم أُفصّل". تفسير: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى). ويوضح هذا المعنى ما قاله ابن عاشور:" والإخفاء: الستر وعدم الإظهار، وأريد به هنا المجاز عن عدم الإعلام"، وقال: المراد إخفاء الحديث عنها، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها". ونقل ابن عاشور عن أبي عليّ الفارسي أنّ أُخْفِيها بمعنى أظهرها، فقد قال أبو علي الفارسي: "إنّ همزة أخفيها للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ، وأشكى زيداً، أي أزيل خفاءَها". والخفاء: ثوب تُلفّ فيه القِربة مستعار للستر. واضح من هذه الأقوال وغيرها أنّ أهل التفسير قد استشكلوا هذا التعبير القرآني.

* - حَدَّثَنَا الْقَاسم, قَالَ: ثنا الْحُسَيْن, قَالَ: ثني حَجَّاج, عَنْ ابْن جُرَيْج, عَنْ مُجَاهد, مثْله. * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد, قَالَ: ثنا جَرير, عَنْ عَطَاء بْن السَّائب, عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر, عَنْ ابْن عَبَّاس { أَكَاد أُخْفيهَا} قَالَ: منْ نَفْسي. 18137 - حَدَّثَني عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصل, قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد الطُّنَافسيّ, قَالَ: ثنا إسْمَاعيل بْن أَبي خَالد, عَنْ أَبي صَالح, في قَوْله: { أَكَاد أُخْفيهَا} قَالَ: يُخْفيهَا منْ نَفْسه. 18138 - حَدَّثَنَا بشْر, قَالَ: ثنا يَزيد, قَالَ: ثنا سَعيد, عَنْ قَتَادَة, قَوْله: { أَكَاد أُخْفيهَا} وَهيَ في بَعْض الْقرَاءَة: " أُخْفيهَا منْ نَفْسي ". وَلَعَمْري لَقَدْ أَخْفَاهَا اللَّه منْ الْمَلَائكَة الْمُقَرَّبينَ, وَمنْ الْأَنْبيَاء الْمُرْسَلينَ. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر, عَنْ قَتَادَة, قَالَ: في بَعْض الْحُرُوف: " إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي ". وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّمَا هُوَ: " أَكَاد أَخْفيهَا " بفَتْح الْأَلف منْ أَخْفيهَا بمَعْنَى: أُظْهرهَا.