خطبة عن قوله تعالى (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم

النور نور مهما كان، وما علينا هو إعداد أنفسنا للاستلهام منه، فنتجنّب الرذائل الأخلاقية لكي نكتسب أهليه الهداية الالهية. إذن، الآية: (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) تعني: يهدي الله لنوره من وجدت فيه الأهلية والجدارة. والآية: (وَاللهُ بكُلِّ شَيء عَلِيمٌ) تعني: الله عالم بمن تحققت فيه هذه الجدارة فيهتدي ومن لم تتحقق فيه فلا يهتدي بل يُحرم من الهداية. وبتعبير آخر: لا يتوفّق الانسان لعمل إلاَّ إذا عشقه، ولو أراد الانسان الهداية الإلهية فعليه أن يحب الله ويترك الأهواء واتّباع الشيطان. شكى شخص عند أحد العظماء بأنه لم يُوفّق لرؤية صاحب الأمر والزمان (أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء) حتى في المنام، رغم حبه إياه وعشقه الوافر له. تفسير آية (نور على نور) - موضوع. فقال له العالم: أدلّك على طريق يبلغ بك إلى الرؤية، كُل هذه الليلة طعاماً مالحاً جداً ونم دون أن تشرب ماء بعده. عمل هذا الشخص بوصفة هذا العظيم، فنام عطشاناً، وقد سرق العطش منه النوم إلاَّ أنه كان ينام بين الحين والآخر وكلَّما نام شاهد في المنام ماءً وأنهاراً ومنامات تتعلَّق بالماء فقط ولم يرَ في المنام شيئاً غير الماء. وفي الصباح استيقظ وقال مع نفسه: عملت بوصفه ذلك الرجل ولم أرَ إلاَّ الماء، فذهب وحكى له ما جرى، فأجاب ذلك الرجل: إنك كنت أمس عطاشاً ومشتاقاً للماء حقاً فما رأيت في منامك غيره، ولو كنت مشتاقاً لرؤية الحجة بن الحسن حقاً (عجل الله فرجه) لرأيته.

يهدي الله لنوره من يشاء‎

وقيل لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء مسجد قباء فحضر عبد الله بن رواحة فقال: يا رسول الله قد أفلح من بنى المساجدا؟ قال: «نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ» قال، وصلى فيها قائماً وقاعداً قال: «نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةِ» قال: ولم يبت لله إلا ساجداً؟ قال: «نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ. كُفّ عَنِ السَّجْعِ فَمَا أُعْطِيَ عَبْدٌ شَيئاً شَرّاً مِن طَلاَقَةِ لِسَانِهِ».

تفسير آية (نور على نور) - موضوع

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40) وهذا المثال مثال لذوي الجهل المركب. فأما أصحاب الجهل البسيط ، وهم الطماطم الأغشام المقلدون لأئمة الكفر ، الصم البكم الذين لا يعقلون ، فمثلهم كما قال تعالى: ( أو كظلمات في بحر لجي): قال قتادة: وهو العميق. علي جمعة يوضح أسباب تسمية سورة النور بهذا الاسم.. فيديو - قناة صدى البلد. ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) أي: لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام ، فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يدري أين يذهب ، ولا [ هو] يعرف حال من يقوده ، بل كما يقال في المثل للجاهل: أين تذهب؟ قال: معهم. قيل: فإلى أين يذهبون؟ قال: لا أدري. وقال العوفي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما: ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب) يعني بذلك: الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر ، وهي كقوله: ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) [ البقرة: 7] ، وكقوله: ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) [ الجاثية: 23].

نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء… | Flickr

يناسب بحثنا رواية وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد قال في طعم الإيمان: «ثلاثٌ مَن كنَّ فيه ذاق طعم الإيمان، مَن كان لا شيء أحبُّ إليه من الله ورسوله، ومَن كان لإنْ يُحرَق بالنار أحب إليه مِن أنْ يرتدَّ عَن دينه، ومن كان يحبُّ لله ويُبغض لله»(1). وجود هذه الثلاثة في الانسان يعني الالتفات والتوجّه الخالص لله لا للزوج والأولاد والأهواء والجيران والأصدقاء والمعارف، كما تعني اختيار الانسان الحرق بالنار فيما لو خُيِّر بينه وبين البقاء على دينه، كما تعني أن لا يعادي إلاَّ مَن أراد الله معاداته وان لا يحب إلاَّ من أحبه الله، أي أن علاقاته تبتني على حبّ الله وبغضه، عندئذ يذوق الانسان طعم الإيمان وحلاوته. وهناك رواية اُخرى يقول فيها الرسول (صلى الله عليه وآله): «مَن كَانَ أكثرُ همّه نيل الشهوات نزعَ من قلبه حلاوة الإيمان»(2).

علي جمعة يوضح أسباب تسمية سورة النور بهذا الاسم.. فيديو - قناة صدى البلد

معناه: اترك ما تشك فيه، وخذ ما لا تشك فيه. فيه: إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني، فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه. رواه البخاري. «الخراج»: شيء يجعله السيد على عبده يؤديه إلى السيد كل يوم، وباقي كسبه يكون للعبد. الكهانة بكسر الكاف: مصدر تكهن، وبالفتح: مصدر كهن، أي قضى له بالغيب. وفي «الورع» لأحمد عن ابن سيرين: (لم أعلم أحدا استقاء من طعام غير أبي بكر، فإنه أتي بطعام فأكل منه، ثم قيل له: جاء به ابن النعيمان، قال: وأطعمتموني كهانة ابن النعيمان، ثم استقاء). قال الحافظ: إنما قاء أبو بكر لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن. عن نافع أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة الآف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمئة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبواه.

وتابع جمعة «آية النور تخفف ظلمة من يسعون في الأرض فسادا، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا، وفيها تسلية لأرواح المؤمنين». شيخ الأزهر يهنئ البابا تواضروس والإخوة المسيحيين بعيد القيامة المجيد رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المعظم

وأمَّا الكافرُ فيُطعَمُ بحسناتِ ما عمِلَ بِها للَّهِ في الدُّنيا. حتَّى إذا أفضى إلى الآخرةِ.