((وكان الكافر على ربه ظهيرا)) وصفت هذه الآية الكفار - الموقع المثالي

و ( ظهير) وصف بمعنى المظاهر ، أي المؤيد وهو مشتق من الظهر ، فهو فعيل بمعنى مفاعل مثل حكيم بمعنى محكم كما تقدم آنفا في قوله ( وإن تظاهرا عليه) ، وفعيل الذي ليس بمعنى مفعول أصله أن يطابق موصوفه في الإيراد وغيره فإن كان هنا خبرا عن الملائكة كما هو الظاهر كان إفراده على تأويل جمع الملائكة بمعنى الفوج المظاهر أو هو من إجراء فعيل الذي بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول. كقوله تعالى ( إن رحمة الله قريب من المحسنين) ، وقوله ( وكان الكافر على ربه ظهيرا) وقوله ( وحسن أولئك رفيقا) ، وإن كان خبرا عن جبريل كان صالح المؤمنين والملائكة عطفا على جبريل وكان قوله بعد ذلك حالا من الملائكة. وفي الجمع بين ( أظهره الله عليه) وبين ( وإن تظاهرا عليه) وبين ( ظهير) تجنيسات.

((وكان الكافر على ربه ظهيرا)) وصفت هذه الآية الكفار – نبراس نت

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا) يعني: أبا الحكم الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا جهل بن هشام. وقد كان بعضهم يوجه معنى قوله: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا) أي وكان الكافر على ربه هينا، من قول العرب: ظهرت به, فلم ألتفت إليه, إذا جعله خلف ظهره فلم يلتفت إليه, وكأنّ الظهير كان عنده فعيل صرف من مفعول إليه من مظهور به, كأنه قيل: وكان الكافر مظهورا به. والقول الذي قلناه هو وجه الكلام, والمعنى الصحيح, لأن الله تعالى ذكره أخبر عن عبادة هؤلاء الكفار من دونه, فأولى الكلام أن يتبع ذلك ذمه إياهم, وذمّ فعلهم دون الخبر عن هوانهم على ربهم, ولم يجر لاستكبارهم عليه ذكر, فيتبع بالخبر عن هوانهم عليه.

وكان الكافر على ربه ظهيرا

[ ص: 286] وقد كان بعضهم يوجه معنى قوله: ( وكان الكافر على ربه ظهيرا) أي وكان الكافر على ربه هينا ، من قول العرب: ظهرت به ، فلم ألتفت إليه ، إذا جعله خلف ظهره فلم يلتفت إليه ، وكأن الظهير كان عنده فعيل صرف من مفعول إليه من مظهور به ، كأنه قيل: وكان الكافر مظهورا به. والقول الذي قلناه هو وجه الكلام ، والمعنى الصحيح ، لأن الله تعالى ذكره أخبر عن عبادة هؤلاء الكفار من دونه ، فأولى الكلام أن يتبع ذلك ذمه إياهم ، وذم فعلهم دون الخبر عن هوانهم على ربهم ، ولم يجر لاستكبارهم عليه ذكر ، فيتبع بالخبر عن هوانهم عليه.

وفيه إيماء إلى أن فيما فعلتاه انحرافا عن أدب المعاشرة الذي أمر الله به وأن عليهما أن تتوبا مما صنعتاه ليقع بذلك صلاح ما فسد من قلوبهما. وهذان الأدبان الثامن والتاسع من الآداب التي اشتملت عليها هذه الآيات. والتوبة: الندم على الذنب ، والعزم على عدم العودة إليه وسيأتي الكلام عليها في هذه السورة. وإذ كان المخاطب مثنى كانت صيغة الجمع في قلوب مستعملة في الاثنين طلبا لخفة اللفظ عند إضافته إلى ضمير المثنى كراهية اجتماع مثنيين فإن صيغة التثنية ثقيلة لقلة دورانها في الكلام. فلما أمن اللبس ساغ التعبير بصيغة الجمع عن التثنية. [ ص: 357] وهذا استعمال للعرب غير جار على القياس. وذلك في كل اسم مثنى أضيف إلى اسم مثنى فإن المضاف يصير جمعا كما في هذه الآية وقول خطام المجاشعي: ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل ظهور الترسين وأكثر استعمال العرب وأفصحه في ذلك أن يعبروا بلفظ الجمع مضافا إلى اسم المثنى لأن صيغة الجمع قد تطلق على الاثنين في الكلام فهما يتعاوران. ويقل أن يؤتى بلفظ المفرد مضافا إلى الاسم المثنى. وقال ابن عصفور: هو مقصور على السماع. وذكر له أبو حيان شاهدا قول الشاعر: حمامة بطن الواديين ترنمي سقاك من الغر الغوادي مطيرها وفي التسهيل ترجيح التعبير عن المثنى المضاف إلى مثنى باسم مفرد ، على التعبير عنه بلفظ المثنى.