سَفَرٌ في مَدائِنِ الرّوح - عالم حواء

لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الروح أمهل السائل حتى يأتيه الوحي فإذا بالقرآن يجيب.. ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً (الإسراء: 85). إعراب قوله تعالى: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الآية 85 سورة الإسراء. ومعنى ذلك أن الروح أمر يصعب على البشر أن يفهموه لأنه أكبر من علمهم وعقولهم ومهما أوتي الإنسان من العلم فلن يفهم حقيقة الروح، وهذا هو السر في هذا الرد المقتضب حتى لا يقع الناس في البلبلة والظنون وينشغلوا عن الدعوة الجديدة بأمور فلسفية. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الرد معناه نهي المسلمين عن الدراسة والعلم حول هذه القضية بينما ذهبت الأكثرية الى أن هذه الآية لم تقل (قل الروح من علم ربي) بل نصت: (من أمر ربي) والفارق بينهما كبير وواضح ومن هنا فلم يتوقف علماء المسلمين عن الكتابة والدراسة في هذا الموضوع من ذلك كتاب (الروح) وكتاب (الروح لابن القيم) وعشرات الكتب على مر العصور. وقد صور كل من الإمامين الغزالي (ت505 ه)، والقشيري (ت465ه)، الروح بصفة اللطافة، ومثلوا لها بأعيان لطيفة، وأنها محل للعلوم، والإدراكات. ووجه لطافتها ناتج عن كونها مفارقة لعالم الحس، وشبيهة بعالم المخلوقات اللطيفة كالملائكة من حيث المغايرة لعالم المادة، وهذا ما جعلها تتميز بصفاء المواصلات الإدراكية المتعلقة بنوع عالمها.

  1. إعراب قوله تعالى: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الآية 85 سورة الإسراء

إعراب قوله تعالى: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الآية 85 سورة الإسراء

ومن الآيات التي حيرت المفسرين.. هو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع (الأنعام: 98). والغالب كما ذكر المفسرون أن المستقر هنا جسم الإنسان الذي تستقر فيه الروح في الحياة الدنيا منذ أن تدخل في جسم الجنين وحتى وفاة الإنسان، أما المستودع فهو حياة البرزخ التي تنتقل إليها الأرواح كلها إلى أن يأتي يوم البعث فتبقى فيها الروح وديعة مع غيرها إلى أن تقوم الساعة.

حكى ذلك الطبري - رحمه الله - وقد قيل: إن السائلين عن الروح هم قريش ، قالت لهم اليهود: سلوه عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن أخبركم عن اثنين وأمسك عن واحدة فهو نبي; فأخبرهم خبر أصحاب الكهف وخبر ذي القرنين على ما يأتي. وقال في الروح: قل الروح من أمر ربي أي من الأمر الذي لا يعلمه إلا الله. ذكره المهدوي وغيره من المفسرين عن ابن عباس.