ديوان محمد الثبيتي - الديوان

انتقل إلى رحمة الله شاعرنا الكبير محمد الثبيتي، أحد أبرز شعراء العربية المعاصرين. وكان قد تعرض إلى جلطة دماغية قبل أكثر من عام، ولأن الجهات التي باشرت علاجه لم تحسن التعاطي مع حالته، فقد تعرض لشلل كامل. ديوان شعر محمد الثبيتي. وإذ نشعر بأعمق حالات الحزن والأسى لوفاة هذا الرمز الشعري والثقافي والوطني الضخم، فإننا نشاطر زوجته الوفية و أبناءه وكافة أفراد عائلته أحزانهم على وفاته ، ونقدم لهم ولكافة أصدقائه ومحبيه وعشاق شعره ومواقفه الوطنية المضيئة، أحر مشاعر العزاء والمواساة، والتي لا تفيها الكلمات ولا الدموع. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وجاء في رسالة وصلتنا من الشاعر السعودي علي الدميني ما يلي: سأقول في هذه اللحظة، وبحزن ٍ شديد الفصاحة... محمد الثبيتي واحد من أعظم شعراء العربية على مر التاريخ... وقد فقدناه ، وهو لم يزل في قمة عطائه وتألقه الإبداعي.. شاعر يمتلك الأدوات الفنية المكتملة لإبداع نص شديد الخصوصية والتميز والإدهاش.. مثلما يمتلك الرؤية التقدمية والحس الوطني والبعد الإنساني الذي يتسلل إلى قلوبنا كلما قرأناه أو استمعنا إليه وهو يرتل علينا فيوض نصوصه ، أو كلما أشعلنا قناديل الذاكرة لاستعادة حالاتها.

ديوان شعر محمد الثبيتي

لدى سادن الوقت تشرق بي جرعة الماء.. تجنح بي طرقات الوباء.. تلاحقني تمتمات البسوسْ أرى بين صدري وبين صراط الشهادة شمساً مراهقةً وسماءً مرابطةً ويميناً غموسْ المغني إبتداءً من الشيبِ حتى هديل الأباريقِ تسترسلُ اللغة الحجريةُ بيضاء كالقارِ.. نافرة كعروق الزجاجةِ قال المغنِّي: يعاقرني كل يوم غياب القوافلِ قلتُ: يؤرِّقُك الزمن المتقابلُ. للجرح بوابتانِ: من الخمر والزنجبيلْ للقصيدة بحر طويلٌ وليل طويلٌ ودهر طويلْ. قال المغني: لصوتي رائحة الجوعِ قلتُ: لوجهك لونُ البراريَ للجرح وجهان: من ظمإٍ نادمته الحناجرُ من وطن للطريق المهاجرِ يحتدُّ صوت المغني.. يكبِّل في قامة الريح إمرأةً وكتاباً.. وقبراً قديمْ - كيف أُغمد أوردتي في السديمْ ؟. كيف أُخرج من شبق الطين... موتاً يتيمْ. ؟؟ إبتكر للدماء صهيلاً تدثر بخاتمة الكلمات بالبخور الذي يتناسل في الطرقات. إبتكر للرماح صبوحاً دماؤك موغلةٌ في القناديل وجهك منتجع للغات. إبتكرْ للطفولة شكلاً.. كتاباً تطارحه الخوفَ ، تقرأ فيه محاق الكواكبِ ، تكتب فيه حروف الندمْ. إبتكر للطفولة عرساً تعلِّق فيه التمائمَ واللعبَ الورقية.. والاغنيات. الصعلوك يفيق من الخوف ظُهراً ويمضي إلى السوقِ يحمل أوراقه وخطاهْ من يقاسمني الجوع والشعر والصعلكهْ من يقاسمني نشوة التهلكهْ ؟؟ أنت اسطورة أثخنتها المجاعاتُ قل لي: متى تثخن الخيل والليل والمعركهْ ؟.

"القَصَائدُ كالنَّاسِ تَحْيا لهَا يومُ سعدٍ لها يومُ بُوسْ" "المدى والمدائن قفرٌ وفقرُ و الجنى والجنائن صِبر وصَبرُ وعروسُ السفائن ليلٌ وبحرُ ومدادُ الخزائنِ شطرٌ وسطر" "كيفَ تأتِي القَصِيدةُ ما بينَ ليلٍ كئيبٍ ويومٍ عبوسْ ؟ وماذَا تقولُ القصيدةُ بعدَ غروبِ المُنَى واغتِرَابِ الشُّمُوسْ..! " "قد قتلنا الشوقَ في مهد الهوى ووجدنا عنه في الذكرى عزاءْ وأَرَقْنَا الماءَ من كاساتنا وصددنا عنه أكباداً ظماءْ كم جمعنا فيك أشتات المنى وزرعنا فيك أسباب الرجاءْ ورفعنا من هوانا هيكلاً يملأ الأفق جلالاً وضياءْ ليس بِدعاً أن تسيئي فَلَكَمْ كفرَ الحسنُ جهاراً، وأساءْ" "لا أنتَ أوتيتَ حكمة لقما.. ولا هنّ أوتينَ فتنة يوس..! " "قل لـِليلى تجيء صباح الأحد.. إنها تقف الآن بين الزلال.. ، وبين الزبد.. قل لها: ظاهر الماء ملح، وباطنه من زبد.. قل لها: أنتِ حلّ بهذا البلد أنتِ حلّ لهذا الولد! "