شرح وترجمة حديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان: فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام - موسوعة الأحاديث النبوية

انتهى وقال القاري في "مرقاة المفاتيح" (8/3147):" وَإِنَّمَا يَكُونُ الْبَادِئُ خَيْرَهُمَا ، لِدَلَالَةِ فِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ ، وَأَنْسَبُ إِلَى الصَّفَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَلِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالتَّقْصِيرِ ، وَلِلْإِيمَاءِ إِلَى حُسْنِ الْعَهْدِ ، وَحِفْظِ الْمَوَدَّةِ الْقَدِيمَةِ ، أَوْ كَأَنَّهُ بَادِئٌ فِي الْمَحَبَّةِ وَالصُّحْبَةِ ". انتهى والسبق المذكور في هذا الحديث ، وكون البادئ بالسلام أولى بالله ، لا يعني ذلك أنه أفضل عند الله مطلقا ، ولا أنه أولى بالله مطلقا ، ولا أنه خير من المسبوق بالسلام في هذه الحال ، مطلقا ؛ بل المعنى: أنه أولى الرجلين بالله ، في هذه الحال ، وأسبقهم في هذا المقام ، وأكثرهم ثوابا عند الله في هذا العمل. ثم العمل معروض على العباد ، فإن سبقك هذه المرة، فاحرص على أن تكون أنت السابق فيما تستقبل من أمرك ، وإن فاتك فضل السبق إلى الخير في هذه الخصلة ، فاحرص على تعويض ذلك بخصال الخير الأخرى. خطبة عن (حرمة هجر المسلم وأنواع الهجر) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

  1. خطبة عن (حرمة هجر المسلم وأنواع الهجر) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم

خطبة عن (حرمة هجر المسلم وأنواع الهجر) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم

عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال: بينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ إذ رأيناه ضَحِك حتى بدَتْ ثَناياه، فقال له عمر: ما أضحكَك يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي؟!

وقد وردت أقوال كثيرة للصحابة والتابعين ومن بعدهم في عدم مجالسة أهل الأهواء نظراً لانتفاء المصلحة من مجالستهم، وعِظم الضّرر الذي قد يحصل منهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلب". وقال أبو قلابة: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبِّسوا عليكم في الدّين بعض ما لُبّس عليهم". وقال الحسن البصري: "لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم" ، وقال الشاطبي في معرض ذكره لأحكام أهل البدع: "الهجران وترك الكلام والسلام، حسبما تقدم عن جملةٍ من السلف في هجرانهم لمن تلبَّس ببدعة، وما جاء عن عمر – رضي الله عنه- من قصة صبيغ العراقي". وقال ابن تيميه: "فالمقصود بهذا أن يهجر المسلم السيئات ويهجر قرناء السوء الذين تضر صحبتهم، إلا لحاجةٍ، أو مصلحةٍ راجحة". وقال الغزالي: "الهجر فوق ثلاث جائز في موضعين: أحدهما: أن يرى فيه إصلاحاً للمهجور في الزيادة. الثاني: أن يرى لنفسه سلامة فيه". وقد بوَّبَ النووي فقال: باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، إلا لبدعةٍ في المهجور أو تظاهرٍ بفسقٍ أو نحو ذلك. الثالث. الهجر لاستصلاح أمر دنيوي، أي الهجر لحق العبد، وفيه جاءت أحاديث الهجر بما دون ثلاث ليال، وقد تقدم ذكرها.