ابو بكر رضي الله عنه

قال عمر: ومَن هذا الشيخ الذي يأتيكم؟ (وهي لا تعرف أنه أبو بكر). قالت: هذا شيخ لا أعرفه يأتي كل يوم، فيكنس بيتنا، ويصنع لنا فطورنا، ويحلِب لنا شياهنا، فبكى عمر - رضي الله عنه - وقال: "أتعبتَ الخلفاء من بعدك يا أبا بكر! ".

ابو بكر الصديق رضي الله عنه

، [١١] [١٢] ومنه ما رواه أبو هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما نفعَني مالٌ قطُّ، ما نفَعني مالُ أبي بَكرٍ، قالَ: فبَكى أبو بَكرٍ وقالَ: يا رسولَ اللَّهِ! هل أنا ومالي إلَّا لَكَ يا رسولَ اللَّهِ! ) ، [١٣] [١٤] وفي الهجرة لمّا خرج رسول الله وأبو بكر في الهجرة أخذ أبو بكر ماله كلّه في سبيل الله، وكان قد بلغ ما بين الخمسة والستة آلاف. سمي ابو بكر رضي الله عنه بالصديق لانه. [١٥] وأراد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يسبقه في الإنفاق، ففي يوم من الأيام أمرهم رسول الله بالصدقة، فجاء عمر بنصف ماله، وجاء أبو بكر بماله كلّه، فسأله رسول الله: (ما أبقيتَ لأهلِكَ ؟ قلتُ مثلهُ، وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عنده، فقال يا أبا بكرٍ: ما أبقيتَ لأهلِكَ ؟ فقال: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسبِقُهُ إلى شيءٍ أبدًا) ، [١٦] [١٧] وكذلك فعل في غزوة تبوك، فقد قام بتجهيز جيش الغزوة كاملاً، وكان يتميّز بكثرة شراء العبيد وعتقهم. [١٨] اتصافه بالرفق واللين والتواضع والحلم تميّز أبو بكر الصديق بأنه كان رجلاً أسيفاً، بمعنى أنّه امتلك قلباً رقيقاً رحيماً، [١٩] سرعان ما تدمع عيناه فيبكي، فقالت عائشة -رضي الله عنها- تصفه: (وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذَا قَرَأَ القُرْآنَ).

سمي ابو بكر رضي الله عنه بالصديق لانه

والنبي صلى الله عليه وسلم قد استفاد من علاقاته القَبَلِيَّة، واستفاد من قراباته؛ فمَنَعَه قومُه وأقرباؤه، وبنو هاشم كان لهم دور، وعهد الصحيفة وحصار الشعب إنما انتهى بأن قام ناس من الكفار فأنهوه لقرابتهم من بني هاشم. إذاً: فالقرابات والعلاقات لها أثر في حماية الدعوة أو الداعية، فإنه لا ينبغي أن يُستهان بها، ولولا أن علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بأقربائه كانت قوية لِحُسْنِ معاملته لما دافعوا عنه، ولا ردوا عنه، ولا أُنْهِي حصار الشعب. فإذاً: ينبغي أن تُقَدَّر هذه القضية حق قدْرها.

[1] من كتاب: اللآلئ البهية في سيرة زوجات حبيبنا خي ر البرية صلى الله عليه وسلم - إعداد/ أحمد بن سليمان الجهني - ط الأولى 1431هـ (بتصرف).