[ ص: 263] والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال. وقوله: يخرج من بين الصلب والترائب الضمير عائد إلى ماء دافق وهو المتبادر ، فتكون جملة يخرج حالا من ماء دافق أي: يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الطارق - قوله تعالى فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب- الجزء رقم31. وبهذا قال سفيان والحسن ، أي أن أصل تكون ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب ، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب ، إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب; لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين ، فجعل الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لأنه لا يتكون جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل ، فإذا اختلط ماء الرجل بما يسمى ماء المرأة وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بويضات دقيقة يثبت منها ما يتكون منه الجنين ويطرح ما عداه. وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل ، مع التنبيه على أن خلق الإنسان من ماء الرجل وماء المرأة بذكر الترائب; لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة. ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة ، فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية ، وهي خيوط مستطيلة مؤلفة من طرف مسطح بيضوي الشكل وذنب دقيق كخيط ، وهذه الخيوط يكون منها تلقيح النسل في رحم المرأة ومقرها الأنثيان وهما الخصيتان فيندفع إلى رحم المرأة.
[٣] تفسير قوله فلينظر الإنسان مم خلق يقول ربُّ العزة في سورة الطارق: "فلينظر الإنسان مم خلق * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" [٤] ، وتفسير قوله تعالى في الآيات السابقة "فلينظر الإنسان مم خلق" إنَّ هذه الآية فيها توصية ظاهرة لابن آدم حتَّى يعتبر من طريقة خلقه ويخرج من غفلته، وكي يعلم أن من أنشأه قادر على إعادة بعثه وإحيائه من جديد، فعليه أن يستعد ويجهِّز العدة ليوم البعث والحساب القريب.
وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية, وماء دافق من حويصلة " جراف " بالمبيض يحمل البويضة " انتهى. "خلق الإنسان بين الطب والقرآن" (ص/114-124). والله أعلم.
التبيان في أقسام القرآن " (ص 204). والله أعلم. 0 2, 510