و كان مما قاله لهم كما قال تعالى في سورة هود: <<وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86)>>. زياره النبي شعيب عليه السلام صور. و جادلهم و أنذرهم و أخبرهم أنه يخاف عليهم عذاب مثل عذاب قوم نوح و قوم هود و قوم صالح عليهم السلام، و قال لهم: و ما قوم لوط منكم ببعيد. و قال المفسرون أن قوم لوط ليسوا منهم ببعيد في أفعالهم و مساكنهم و زمانهم، فقوم لوط أيضا كانوا يقطعون السبيل، و كانت مدائنهم غير بعيدة عن مدين، و كان زمانهم قريبا منهم. تهديدهم لنبيهم شعيب عليه السلام و من آمن معه و لما جادلهم و أكثر جدالهم و لم يجدوا كيف يردون عليه صاروا يهددونه و من آمن معه فقالوا له: <<قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)>> هود.
فقالوا له أنه لولا قبيلتك و عشيرتك فينا لرجمناك، و تنكروا للحق لأنهم لا يريدونه، فقالوا: لا نفقه ثيرا مما تقول. و توعدوه و الذين آمنوا معه أن يخرجوهم من قريتهم أو يعودون في ملتهم، قال تعالى في سورة الأعراف: <<قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا>> و هذا دأب الكافرين، إذا عرفوا الحق و استكبروا عنه هددوا الرسل و المؤمنين بالإخراج و آذوهم. فقال لهم شعيب: <<قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ>> الشعراء. شعيب عليه السلام | معرفة الله | علم وعَمل. ثم دعا شعيب عليه السلام ربه: << رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)>> الشعراء. و الله لا يرد دعاء رسله إذا استنصروه على من كذبوهم و كفروا بهم و آذوهم. استجابة دعاء شعيب عليه السلام و إنزال العذاب بهم و عذب الله هؤلاء القوم بعدة أصناف من العذاب، فأرسل عليهم الرجفة و الصيحة و الظلة، و هي سحابة فيها شهب من نار، و أنجى رسوله شعيبا عليه السلام و من كانوا معه من عباده المؤمنين.
[٣] [٤] وأصحابُ الأيكةُ هم قومُ سيدنا شعيب -عليه السلام-، وتعدّدت آراء العلماء في كَوْن أصحاب الأيكة هم أنفسهم أهل مدين الذي يُعدّ سيدنا شعيب من أهلِها؛ فمنهم من قال إنَّ مَدين والأيكةَ واحدٌ، ولكنَّ الله -تعالى- لم يذكر في كتابه أنَّه أخوهم كباقي الآيات؛ لأنَّهم نُسِبُوا إلى عبادةِ الأيكةِ، وهي شجرةٌ أو مجموعُ شجرٍ ملتفٍّ على بعضِه بعضاً، وبعض العلماء قالوا: إنَّ أهل مدْين وأصحاب الأيكة أُمَّتان بعث الله -تعالى- إليهم سيدنا شعيب -عليه السلام-، [٤] والأيكةُ تقعُ جنوبَ الأردن قُربَ مدينة العقبة، وقد اجتمع قوم شعيب -عليه السلام- على النبيّ شعيب حزبًا واحداً، فأهلكهم الله -تعالى-.
زيارة سيدنا شعيب علية السلام 2022 - YouTube
أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس.. أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه) نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. قصة شعيب عليه السلام نبيل العوضي. وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.