الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن

وظاهره يوافق قول من قال: إن المراد بالسبع الطبقات، وإنهن متصلات كطبقات الجيولوجية. قال الحافظ في شرح الحديث من كتاب المظالم من الفتح: وفيه أن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها عن بعض؛ لأنها لو فتقت لاكتفى في حق هذا الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها، أشار إلى ذلك الداودي، وفيه: أن الأرضين السبع طبقات كالسموات وهو ظاهر قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ خلافًا لمن قال: إن المراد بقوله سبع أرضين سبعة أقاليم إلخ. وأنت ترى أن هذين القولين مختلفان، فإن كانت السبع الطباق من السموات منفصلًا بعضها عن بعض لا يظهر معنى التطويق منهن في الحديث الصحيح، وهو الحديث الصحيح في التعدد دون غيره. ولا ندري أكان هذا الجمع مستعملًا بالسبع عند العرب كالسموات أم لا. وروى أحمد والترمذي عن الحسن عن أبي هريرة حديثًا مرفوعًا فيه: مدّ سبع أرضين بين كل منها خمسمائة عام. اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ... الحياة خارج كوكبنا. وهو حديث غريب منقطع، والحسن لم يسمع عن أبي هريرة. ورواه البزار والبيهقي من حديث أبي ذر مرفوعًا بنحوه، وهو مرسل. قال في البداية: ولا يصح إسناده. وقد علم مما تقدم أن أصح ما ورد في تعدد الأرض حديثا عائشة وزيد بن سعيد رضي الله عنهما في مغتصب شيء من الأرض أنه يطوقه من سبع أرضين.

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ... الحياة خارج كوكبنا

#أبو_الهيثم #مع_القرآن 0 4, 880

وقد نقل الراغب عن بعض العلماء عبارة بديعة في هذا المعنى وهي: كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء وبالإضافة إلى ما فوقها فأرض، إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض. قال: وحمل على هذا قوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾. وأقول: إن هذه الدراري إنما كانت تعد سبعًا في عرف المتقدمين بعد الشمس، والقمر منها دون الأرض، وهي تعد الآن ثماني، منها الأرض وكوكبان عُرفا بمراصد هذا العصر وهما أورانوس ونبتون، ومكانهما وراء زحل أي فوقه، ودونه المشتري، فالمريخ فالزهرة فعطارد، وهي سبع سموات بالنسبة إلينا كما تقدم. فبقيت عبارة القرآن صحيحة في نفسها وإن كانت السموات السبع مجهولة لنا، كأن تكون من عالم الغيب. فالواجب أن يحمل معنى المثلية على أعم الوجوه ككونها من خلق الله الدال على قدرته وعلمه كما يدل عليه آخر الآية وسيأتي، ولكن هذا القول مردود بالآيات القرآنية المتعددة. وقد ورد في الأحاديث والآثار روايات كثيرة في ذكر السموات السبع والأرض، وفي بعضها ذكر لتعدد الأرض. وقد عقد البخاري في كتاب بدء الخلق من صحيحه بابًا سماه: باب ما جاء في سبع أرضين. وقول الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ إلخ الآية، وذكر فيه حديث عائشة مرفوعًا: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» ، وحديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل «أشهد لسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ».