تفسير: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)

فالمعنى أن الشمس والقمر ملازمان لما خط لهما من المسير فلا تدرك الشمس القمر حتى يختل بذلك التدبير المعمول بهما ولا الليل سابق النهار وهما متعاقبان في التدبير فيتقدم الليل النهار فيجتمع ليلتان ثم نهاران بل يتعاقبان. تفسير: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون). ولم يتعرض لنفي إدراك القمر للشمس ولا لنفي سبق النهار الليل لان المقام مقام بيان انحفاظ النظم الإلهي عن الاختلال والفساد فنفى إدراك ما هو أعظم وأقوى وهو الشمس لما هو أصغر وأضعف وهو القمر، ويعلم منه حال العكس ونفى سبق الليل الذي هو افتقاده للنهار الذي هو ليله والليل مضاف إليه متأخر طبعا منه ويعلم به حال العكس. وقوله: " وكل في فلك يسبحون " أي كل من الشمس والقمر وغيرهما من النجوم والكواكب يجرون في مجرى خاص به كما يسبح السمكة في الماء فالفلك هو المدار الفضائي الذي يتحرك فيه الجرم العلوي، ولا يبعد حينئذ أن يكون المراد بالكل كل من الشمس والقمر والليل والنهار وإن كان لا يوجد في كلامه تعالى ما يشهد على ذلك. والآتيان بضمير الجمع الخاص بالعقلاء في قوله " يسبحون " لعله للإشارة إلى كونها مطاوعة لمشيته مطيعة لامره تعالى كالعقلاء كما في قوله: " ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " حم السجدة: 11.

  1. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٩١
  2. تفسير: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)
  3. قول الله تعالى ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ - موقع الإمام المازري
  4. “وكُل فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” | مساحة حرّة ضمن حدود الممكن elhanem

تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٩١

ولو تباطأ الجسم في سرعته أو تسارع بسرعة أكبر فإنه يحيد عن مداره الأصلي إما قربا من المركز أو بعداً عنه. أما إذا توقف عن الحركة فإن هذا يؤدي إلى انعدام القوة الطاردة المركزية، ومن ثم يصبح الجسم واقعا تحت تأثير القوة الجاذبية المركزية فقط فيسقط في اتجاه مركز الدوران ولهذا فإن شرط بقائه في فلكه أو مداره المحدد مرهون باكتساب سرعة دوران محددة كافية لحفظ دورانه في هذا المدار. وكل في فلك يسبحون تفسير. وهنا ينبغي أن نلاحظ أن جميع الأجرام السماوية لا بد لها أن تتحرك بسرعات محددة لتسلك مساراتها المحددة التي قدرها الله تعالى لها في فضاء السماوات، فهو وحده القادر على إكسابها هذه السرعات بالقدر المطلوب لضبط حركاتها في أفلاكها. كما تجدر الإشارة إلى أن كلمة "كل" في آيتي سورة الأنبياء وسورة يس لفظ عام يشمل جميع الأجرام السماوية، أي أن كل نجم وكل كوكب وكل قمر وكل مذنب يسبح في فلكه الخاص بقدره الخالق سبحانه وتعالى بحيث تنتظم الأجرام جميعها في وحدة متماسكة مترابطة تجمع بينها في اتزان وتناغم القوى الكونية الناطقة بوحدانية خالق هذا النظام الكوني ومبدعه على أعلى درجة من الترتيب والنظام والكمال والجمال.

تفسير: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)

تفسير القرآن الكريم

قول الله تعالى ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ - موقع الإمام المازري

بل هي أفلاك مخصوصة، ومحددة، لتسبح فيها الكواكب والنجوم، جعلها الله كطرق ومسارات للنجوم والكواكب، فلا تصطدم الواحدة بالأخرى لأن لكلٍّ فلك يسبح فيه ولكلٍّ مسار يسير فيه ولكلٍّ قوة جذب تحدد علاقته بغيره، مثلما تحدد علاقة غيره به: حيث (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس/ 40). وهو ما يعني أنّ للأفلاك دورها في حفظ الكواكب في مداراتها، رغم أنّه لم يتحدث أحد من الفيزيائيين عن هذه الأفلاك كطرق أو مسارات للنجوم والكواكب، ولم يظهر أحد منهم أهميتها أو دورها كطرق ومسارات محددة لا يخرج عنها من يسبح فيها، وإذا ما خرج عنها نجم أو كوكب فهو هالك لا محالة. المصدر: كتاب التأملات في انتظام الأكوان وقوام الكائنات [1]- حبك السماء: طرائقها. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٩١. وفي التنزيل: والسماء ذات الحبك؛ يعني طرائق النجوم، واحدتها حَبِيكة والجمع كالجمع. وقال الفراء في قوله: والسماء ذات الحُبُك؛ قال: الحُبُك تكسُّر كل شيء كالرملة إذا مرت عليها الريح الساكنة، والماء القائم إذا مرت به الريح، والدرعُ من الحديد لها حُبُك أيضاً، قال: والشعرة الجعدة تكسُّرُها حُبُكٌ، قال: وواحد الحُبُك حِباك وحَبِيكة؛ وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: والسماء ذات الحُبُك؛ الخَلْق الحسن، قال أبو إسحق: وأهل اللغة يقولون ذات الطرائق الحسنة؛ وفي حديث عمرو بن مُرّة يمدح النبي (ص): لأصْبَحْتَ خير الناس نفساً ووالداً *** رسول مليك الناس فوق الحبائِك الحبائك: الطرق، واحدتها حبيكة، يعني بها السماوات لأن فيها طرق النجوم.

“وكُل فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” | مساحة حرّة ضمن حدود الممكن Elhanem

وسواء أكانت كلمة الحبك تعني الطرائق التي تسبح فيها النجوم والكواكب، كما يرى بعض المفسرين، أم كانت تعني إحكام نسج الفضاء، الذي تسبح فيه الكواكب والنجوم فهي في كلتا الحالتين تعني أنّ التعيينات أو الطرائق أو المسارات التي تسبح فيها النجوم والكواكب ليست مجرد فضاء أو مجرد تعيينات كيفما كانت. وإنما هي حُبُكْ أو هي أفلاك ومسارات مشدودة ومحكمة ومحبوكة، أو أنّ النسيج الفضائي الذي تتعين فيه هذه المسارات والطرائق والأفلاك هو نسيج فضائي محكم ومحبوك، وأنها (أي الأفلاك والمسارات) متعينة في هذا الفضاء المحبوك، كما هو حال السماء كلها ذات الحبك. وبالتالي فإنّ الحبك كأفلاك ومسارات وطرائق، أو الحبك كنسيج تقع فيه هذه الأفلاك والمسارات والطرائق إنما يعنيان كلاهما: (الحبك كأفلاك أو الحبك كنسيج) أن الأفلاك التي تسبح فيها النجوم إنما هي الحبك ذاتها، أو هي النسيج الذي حبك على هذا النحو البديع المحبوك لتجعل فيه هذه الأفلاك كطرائق ومسارات للنجوم والكواكب وأنّ هذه الأفلاك، أو هذه الطرائق والمسارات إما أن تكون هي نفسها الحبك، أو أنها متعينة في فضاء محبوك، وكلا الأمرين يعني أنّ الأفلاك ليست – كما ذكرنا – مجرد تعيينات في الفضاء.

ثم اختلفوا في كيفيته، فقال بعضهم: الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه. وجاء في المنتخب أن لكل جرم سماوي مجاله، أو مداره، الخاص به الذي قدره الله له. وأجرام السماء كلها لا تعرف السكون، كما أنها تتحرك في مدارات خاصة لا تحيد عنها هي الأفلاك. قانون الجاذبية ولقد حقق العلم الحديث خطوات ناجحة على طريق الفهم الصحيح لحركة الأجرام السماوية، واتزانها في أفلاك ومدارات خاصة لا تحيد عنها ولا تفلت من إسارها بحيث لا تتداخل مع بعضها بعضاً أو تسقط على أجرام أخرى. وتعرف العلماء إلى نوعين من القوى الأساسية العاملة على حفظ هذا الاتزان: أحدهما يسمى قوة الجذب المركزية الناتجة عن وجود مجال تثاقلي بين الكتل الهائلة لمواد الأجسام المختلفة، وهي القوة التي اكتشفها علماء الحضارة الإسلامية أمثال الهمداني والبيروني والخازني وغيرهم، ثم صاغها بعدهم بعدة قرون العالم الإنجليزي إسحق نيوتن في مجموعة قوانين عرفت باسمه ويطلق عليها "قوانين الحركة والجاذبية العامة". أما القوى الأخرى فهي القوة الطاردة المركزية الناشئة من الحركة الدورانية للأجسام حول مركز معين، ويحدث الاتزان للجسم الدوار تحت تأثير هاتين القوتين بمساواتهما وتعادلهما.

الأرض والشمس والقمر والكواكب والنجوم والمجرات لا تسبح في فضاء محايد، لا علاقة له بما يسبح فيه... لا تسبح في فراغ، ولكنها تسبح في أفلاك واضحة، ومحددة، لا تخرج عنها، ولكل كوكب أو نجم منها فلك يسبح فيه، يختلف عن فلك أي كوكب أو نجم آخر، من حيث قوى الجاذبية، ومن حيث قدرته على أن يكون فلكاً مناسباً أو مساراً مناسباً يسبح فيه الكوكب أو النجم المناسب. فلكل منها فلك مخصوص يسبح فيه، ومن يخرج عن فلكه أو عن مساره يتحطم ويتناثر، ويدخل في فوضى الفضاء حيث لا فلك ولا مسار، أي يدخل في عدم الانتظام فيتحطم ويتناثر... أي أنّ الأفلاك هي مدارات أو مسارات تسبح فيها الأجرام السماوية في الفضاء، دون أن يصطدم بعضها ببعض، بتدبير من الله العزيز القدير، وليس لكوكب أن يخرج عن فلكه أو عن مداره أو عن مساره الذي رسم له إلا أن يتحطم أو ينسحق أو يتناثر في الفراغ. لأن النجوم والكواكب بخروجها عن الفلك الذي تسبح فيه صلتها بفلكها الذي يحفظها ويحفظ عليها مسارها الذي ينبغي أن تسبح فيه، كما تفقد صلتها بقوة الجاذبية التي كانت تشدها إلى فلكها الذي كانت تسبح فيه، وتفقد قبل ذلك جاذبيتها التي كانت تشد الفلك إليها، فتتحطم وتتناثر في الفضاء.