الشفاء في ثلاث

والصحابة كانوا يقرءون على المريض من الآيات، وقد قرأ بعض الصحابة على لديغ سورة الفاتحة فشفاه الله، وعرضوا هذا على النبي ﷺ فأقرهم، وقال: وما يدريك أنها رقية؟ وكانوا قد جعل لهم قطيع من الغنم، فأخذوه وأقرهم النبي ﷺ على ذلك وقال: اضربوا لي معكم بسهم. فالحاصل أنه ﷺ أقرهم على قراءة القرآن على المريض للاستشفاء. وأما الحديث فالذي فيه: الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم - يعني: حجامة- أو شربة عسل، قال: وما أحب أن أكتوي وفي اللفظ الآخر: وأنا أنهى أمتي عن الكي رواه البخاري في الصحيح، فهذا يدل على أن هذه الثلاث من أسباب الشفاء، الكي عند الحاجة إليه، والحجامة عند الحاجة إليها، والعسل، والله بين في كتابه العظيم أن العسل فيه شفاء للناس، لكن إذا تيسر علاج بغير الكي فهو أولى؛ ولهذا قال الرسول ﷺ: وما أحب أن أكتوي ، وقال: وأنا أنهى أمتي عن الكي لكنه كوى بعض أصحابه للحاجة. الشفاء في ثلاث غرف. فالحاصل: أنه لا يشرع الكي إلا عند الحاجة، عند عدم وجود ما يكفي عنه، فإذا تيسر دواء آخر يكفي عنه فالأولى ترك الكي؛ لأنه نوع تعذيب بالنار، فلا يصار إليه إلا عند الحاجة. نعم. المقدم: بارك الله فيكم.
  1. الشفاء في ثلاث رسائل

الشفاء في ثلاث رسائل

قال الموفق البغدادي: «وذلك أن الأخلاط في أول الشهر تهيج وفي آخره تسكن، فأولى ما يكون الاستفراغ في أثنائه» [19]. أهـ وقال ابن القيم رحمه الله: «واختيار هذه الأوقات للحجامة فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط، والتحرز من الأذى، وحفظًا للصحة، وأما في مداواة الأمراض فحيثما وجد الاحتياج إليها وجب استعمالها» [20]. وأما الكي، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ» [21]. وعن جابرٍ قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله - قال - فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص، ثم ورمت فحسمه الثانية [22] ، والحسم الكي. قال الخطابي: إنما كوى سعدًا ليرقأ الدم من جرحه، وخاف عليه أن ينزف فيهلك، والكي مستعمل في هذا الباب، كما يُكوى من تُقطع يده أو رجله. شرح حديث: الشفاء في ثلاثة (1). وأما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبًا للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية. وقيل: إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة؛ لأنه كان به ناصور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيه، فيُشبه أن يكون النهي منصرفًا إلى الموضع المخوف منه.

وهو مع هذا كله مأمون الغائلة، قليل المضار، مضر بالعرض للصفراويين، ودفعها بالخل ونحوه، فيعود حينئذ نافعًا له جدًّا. الشفاء في ثلاث رسائل. وهو غذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلوى، وطلاء مع الأطلية، ومُفرح مع المفرحات، فما خُلق لنا شيء في معناه أفضل منه، ولا مثله، ولا قريبًا منه، ولم يكن معول القدماء إلا عليه، وأكثر كتب القدماء لا ذكر فيها للسكر البتة، ولا يعرفونه، فإنه حديث العهد حدث قريبًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق، وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يُدركه إلا الفطن الفاضل، وسنذكر ذلك إن شاء الله عند ذكر هديه في حفظ الصحة... وفي أثر آخر: « عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلِ وَالْقُرْآنِ » [7]. فجمع بين الطب البشري والإلهي، وبين طب الأبدان وطب الأرواح، وبين الدواء الأرضي والدواء السمائي. إذا عُرف هذا، فهذا الذي وصف له النبي صلى الله عليه وسلم العسل، كان استطلاق بطنه عن تُخمة أصابته عن امتلاء، فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء، فإن العسل فيه جلاء، ودفع للفضول، وكان قد أصاب المعدة أخلاط لزجة، تمنع استقرار الغذاء فيها للزوجتها، فإن المعدة لها خمل كخمل القطيفة، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة، أفسدتها وأفسدت الغذاء، فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط، والعسل جلاء، والعسل من أحسن ما عولج به هذا الداء، لا سيما إن مزج بالماء الحار.