لعلي لا ألقاكم بعد عامي ها و

و تكون أمتك رحمة للعالمين. لتصرخ بأعلى صوتها "الشعب يريد أن يكون أمة واحدة رحمة للعالمين". ها هي تونس قاطرة الثورات على الظلم و الاستبداد اشتد عودها بعد 9 سنوات. أخذت وعدا على نفسها أن تنثر النصر التونسي على كل العرب أينما كانوا، حتى لا يقال بقي عربي لم يتذوق طعم الفرح. لتلتحق بها السودان و الجزائر.. و اليوم نعيش على وقع ثورة لبنان صادحة مسيحيين و شيعيين و سنة و دروز مرددين بصوت واحد "من تونس لبيروت ثورة وحدة ما بتموت". و ثورة شعب العراق المنسي الهاتف قائلا " هذا وعد هذا وعد.. بغداد ما تسكت.. بعد سنة و شيعة.. هالوطن مانبيعه". ليبقى أملنا قائما في ثوراتنا المغدورة في بقية الوطن. لكل ما سبق، يأخذني الحنين و تدمع عيناي عند قراءة خطبة الوداع، حيث قال الرسول الأكرم "فَإنّيَ لاَ أَدْرِي، لعَليّ لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامي هَذَا.. لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا. ". أما نحن أحبابك و السائرين على نهجك يا رسول الله، فإننا ندعو ربّ العرش العظيم أن نلقاك هناك عند الحوض.

  1. ''فَإنّيَ لاَ أَدْرِي، لعَليّ لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامي هَذَا...''

''فَإنّيَ لاَ أَدْرِي، لعَليّ لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامي هَذَا...''

بقلم أ: سعود الثبيتي تأهب للذي لا بدّ منه، فإنّ الموت ميقات العباد. قال تعالى: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88] الموت حق ويجب أن نعي أننا لن نُخلد في الدنيا وهي الحقيقة وقد لا نكون بينكم في العام القادم أو في الساعات القادمة. طبعاً نحزن على أحلامٍ نقضي طوال أعمارنا ونحن نحاول تحقيقها وقد يكون الموت على باب أحدنا وهو لا يعلم. كم هو مؤلم ذلك الشعور الذي يعيشه الموتى لو قدر لهم أن يسمعوا كل ما يدور حولهم دون أن يستطيعوا تحريك أفواههم لإثبات قرار الرفض أو القبول. أننا على علم بهذا المصير المحتم ومع هذا تشغلنا الدنيا بما فيها عن الاستعداد الجيد لهذا اللقاء الإجباري بيننا وبين ملك الموت كمخلوق مأمور يقبض الروح، وأيضاً بيننا وبين الموت كحالة احتضار أو سكرات مؤلمة وغريبة يعيشها البشر بالتفصيل دون أن يستطيعوا وصفها، إنها النهاية التي لا يراها أصحابها حتى تقوم الساعة، الفصل الأخير من حياة نعيشها بين خوف ورجاء، كلاهما يبدأ بكن وينتهي بيكون. ''فَإنّيَ لاَ أَدْرِي، لعَليّ لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامي هَذَا...''. فما الذي بين ساعة موت وساعة حياة؟ الحقيقة إن الحياة للأعمار دينا ووطننا وبقاء من أجل فرض العقيدة والحق وتلبية لإرادة الله سبحانه وتعالى.

وفي هذا الحديث دليل قاطع وإشارة واضحة إلى اقتراب أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن ساعة الرحيل قد باتت قريبة ، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اختص ابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ بعلم ذلك ، ولم يعلم به المسلمون إلا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ.. ومن الإشارات الدالة على قرب وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترغيبه لأصحابه في كثرة ملازمته والجلوس معه قبل أن يُحْرموا ذلك ، ويتمنى أحدهم حينها لو رآه بأهله وماله. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( والذي نفس محمد بيده ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني ، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم)(مسلم). قال النووي: ".. وتقدير الكلام يأتي على أحدكم يوم لأن يراني فيه لحظة ثم لا يراني بعدها أحب إليه من أهله وماله جميعا.. ومقصود الحديث حثهم على ملازمة مجلسه الكريم ، ومشاهدته حضرا وسفرا ، للتأدب بآدابه وتعلم الشرائع وحفظها ليبلغوها ، وإعلامهم أنهم سيندمون على ما فرطوا فيه من الزيادة من مشاهدته وملازمته.. ". ومن هذه الإشارات أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج إلى أُحُد فصلى على الشهداء وكأنه يودع الأحياء والأموات ، ثم انصرف إلى المنبر فقال: ( إني فَرَطكُمْ (سابقكم) ، وأنا شهيد عليكم ، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض ، وإني والله ما أخاف بعدي أن تشركوا ولكن أخاف أن تنافسوا فيها)(البخاري).