وقلقنا اليوم أن يدخل الرجل من النافذة مرة أخرى، ونسمع منه يوما يقول لأهل الكرم والطيبة " المسامح كريم " فنسامحه بالطيبة، وننسى لدغة العقرب؛ يا عقرب الأذى كم لدغت؟ سأختصر الفكرة بالحكمة؛ السوي إذا أكرمته يعرف المعروف ويقدّره، والمريض النفسي يتمرد، فإذا " أكرمت الكريم ملكته وان أكرمت اللئيم تمردا ". وما أكثر من باعوا الدول التي عاشوا فيها بالرفاه والاحترام والمودة، وأنكروا عطاياها ونعمتها عليهم بالقول والخيانة، فأسقطوا صفة الوفاء من قاموسهم الحياتي. وما أقسى أن يكون الأنسان عديم الوفاء وناكر المعروف، وهي لعمري من أرذل الصفات وأقبحها على الأطلاق!
لم تخمد بعد نيران الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين لبنان وبعض دول الخليج بسبب تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول الدور الذي لعبته السعودية في اليمن. وقد وجد الصحافي والمقدم السابق لبرنامج "من سيربح المليون" نفسه في عين عاصفة سياسية وشعبية. لم يكن يتوقع وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية جورج قرداحي ولو لحظة واحدة أن تتسبب تصريحاته بشأن مسؤولية السعودية في الأزمة اليمنية بزوبعة سياسية لبنانية خليجية. وقد صرح في شهر أغسطس/آب الماضي، أي قبل توليه منصب الوزير، في مقابلة تلفزيونية تم بثها الأسبوع الماضي: "هناك اعتداء بالتأكيد وإن الحرب في اليمن حرب عبثية يجب أن تتوقف". وأضاف قائلا إن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم أمام "عدوان خارجي". آيات عن التسامح والعفو ذكرت في القران الكريم مكتوبة كاملة - مجلة رجيم. وتعاملت بعض الجهات في دول الخليج مع هذه التصريحات على أنها تعبر عن موقف وزير في الحكومة اللبنانية الجديدة. والبعض الآخر ذهب إلى القول إن الصحافي اللبناني الشهير وقع تحت تأثير حزب الله وإيران. لكن السؤال، هل كان قرداحي يدرك بأن تصريحاته ستؤدي إلى نشوب أزمة دبلوماسية بين لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ودول الخليج وعلى رأسها السعودية التي تعد من بين أبرز الدول الداعمة لبلاد الأرز؟ فمن هو جورج قرداحي، نجم استوديوهات التلفزيونات العربية من خلال برنامجي "من سيربح المليون" و"المسامح كريم" الذي أصبح حديث الساعة وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي إثر تصريحاته الأخيرة عن حرب اليمن.
إن من أعظم ما يمكن أن يهديه المرء لحبيبه هو مسامحته على أخطائه والعفو عنه وأن تعود المياه إلى قلوبهما بعد أن انقطعت فترات الغضب والحزن، فتورق الأزهار من جديد بعد مضي العاصفة التي كادت تقتلع المحبة من القلوب. العفو كفيل بفتح الأبواب الموصدة بين قلوب العاشقين، والمسامحة تجدد الزهور التي ذبلت في العلاقات البشرية بين المتحابين، العفو هو التاج الذي يزين العلاقات بين الأحباب وكأنه الآية الأولى التي قامت عليها البشرية بأكملها. خذ العفو وأمر بالمعروف هي آية قرآنية أمر الله بها نبيه ومن بعده الناس أجمعين، وحري بمن بدأ علاقة محبة مع الآخرين أن يأخذ تلك العلاقة بالعفو ولا يدع للجفاء موضع قدم فيها. الحب قائم على قدمين اثنتين الأولى هي الصدق والثانية هي المسامحة، وكل إنسان يريد أن يبقى حبه ثابتًا قويًا لا بد له أن يراعي السلامة في القدمين فلا هو يأخذ بكل ذنب ولا هو يكذب في كلامه. الحب الذي لا يبني على التسامح يكون فاشلًا ضعيفًا تستطيع أن ترميه ظروف الحياة في قاعها لا يتذكره ولا يفطن إليه أحد، لذلك لا بد أن يكون العفو هو سيد الموقف في العلاقات بين المتحابين. سامح شريكك حتى تهنأ روحك بتلك المسامحة وابتعد عن الجدال والعتاب اللذين يقتلان العاطفة ويتربعان على عرش موتها، فكل إنسان يعلم بينه وبين ذاته كمية الأخطاء التي ارتكبها ولكنه يطمح دائمًا بعفو شريكه عنه.