بقلم | محمد جمال حليم | الاثنين 14 يونيو 2021 - 06:40 م من يتأمل الدعاء وما يغير الله به الأحوال يجد عجبا فالدعاء سلاح المؤمن ولا يستهان به ويلمس المؤمنون أثره في أحوالهم جميعا فكم من مريض عوفي بسبب الدعاء وكم من هم فرّج بسبب الدعاء وكم من أحوال تغيرت للأحسن والسر كانفي الدعاء فالدعاء يعني أنك تلجأ إلى الله وأنت معترف بضعفك وقد استنفدت طاقتك في تغيير وضع لا تقوى عليه وهنا تتدخل العناية الإلهية وصاحب القدرة المطلقة الذي يقول للشيء كن فيكون. آداب الدعاء: على أنه ينبغي أن يستشعر المؤمن وهو يدعو ان يناجي ربه الذي بيده مقاليد كل شيء ويعجزه فعل شيء فهو يدعو بلسانه لكنه مزقن من داخله أن الله تعالى سيستجيب دعاءه، فإن ذلك مما يجعل الدعاء أسمع وأرجى للقبول، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. إسناده حسن، أيضا من آداب الدعاء افتتاحه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك، ورفع اليدين، وعدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه، وكذلك تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وغير ذلك.
قال الإمام الخرائطي في ( اعتلال القلوب): حدثنا أبو بدر الغبري قال: حدثنا علي بن حميد قال: حدثنا صالح المري ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله عز وجل لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه ".
الأمر الثالث: كون الإنسان على حالة من إتيان المعروف واجتناب المنكر، ورعاية شروط الدعاء كحضور القلب، وترصد الأزمنة الشريفة، والأمكنة الفاضلة، واغتنام الأحوال المناسبة، كالسجود والثلث الأخير من الليل ونحوها.
يقين القلب عند الدعاء يدل على معرفة هذا العبد بأن دعاءه عند الله لا يضيع: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا: إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر [رواه أحمد: 11149، وقال محققو المسند: "إسناده جيد"] يعني الواحد يشعر بالحرج مع الآدمي، أن يسأله أول مرة وثاني مرة وثالث مرة، وبعدين؟ مع الله أبدًا كل ما سألته أكثر كلما أحبك أكثر، ولا يتبرم سبحانه، ولا يعجزه شيء. ويقين العبد عند الدعاء يدل على حسن ظن العبد بربه، وهذه مسألة عقدية مهمة: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني [رواه مسلم: 7005]. يقين القلب عند الدعاء يدل على عدم استعظام العبد للمسألة عند الله، يعني أن الله لا يعجزه شيء لو طلبت منه ما طلبت، اطلب ما شئت من خيري الدنيا والآخرة، ولذلك قال ﷺ: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء لا مكره له سبحانه [رواه البخاري: 7477].
قلت: شيخ أحمد هو حسن بن موسى الأشيب الثقة البغدادي،وابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة الضعيف المعروف. ورواية من روى عنه بعد الاختلاط أشد ضعفاً، وحسن بن موسى ممن روى عنه بعد اختلاطه ، قال ابن كثير في مسند الفاروق (2/649): قال الإمام علي بن المديني: الحسن بن موسى إنما سمع من ابن لهيعة بآخره. وإلى جانب ضعفه ففيه علة أخرى وهي: أن الحديث رواه نعيم بن حماد مرسلاً في الزهد: أنا سعيد بن أبي أيوب ، عن بكر بن عمرو ، عن صفوان بن سليم به. وسعيد بن أبي أيوب واسمه مقلاص الخزاعي وهو ثقة ثبت ، وبكر بن عمرو صدوق وصفوان بن سليم هو المدني الثقة الفقيه الحجة. وهذه الرواية هي الصواب.
انتهى وقال الطيبي -رحمه الله- في الكلام على هذا الحديث: قال التوربشتي: فيه وجهان: أحدهما، أن يقال: كونوا أوان الدعاء على حالة تستحقون منها الإجابة، وذلك بإتيان المعروف، واجتناب المنكر، وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء وآدابه، حتى تكون الإجابة على قلبه أغلب من الرد، وثانيهما: أن يقال: ادعوه معتقدين لوقوع الإجابة؛ لأن الداعي إذا لم يكن متحققًا في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقًا، وإذا لم يكن الرجاء صادقًا، لم يكن الدعاء خالصًا، والداعي مخلصًا، فإن الرجاء هو الباعث على الطلب، ولا يتحقق الفرع إلا بتحقق الأصل.