ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) قوله تعالى: ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير قوله تعالى: ذلك بأن الله هو الحق لما ذكر افتقار الموجودات إليه وتسخيرها على وفق اقتداره واختياره في قوله: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث - إلى قوله - ( بهيج). قال بعد ذلك: ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور. فنبه سبحانه وتعالى بهذا على أن كل ما سواه وإن كان موجودا حقا فإنه لا حقيقة له من نفسه ؛ لأنه مسخر مصرف. والحق الحقيقي: هو الموجود المطلق الغني المطلق ؛ وأن وجود كل ذي وجود عن وجوب وجوده ؛ ولهذا قال في آخر السورة: وأن ما يدعون من دونه هو الباطل. والحق الموجود الثابت الذي لا يتغير ولا يزول ، وهو الله تعالى. وقيل: ذو الحق على عباده. وقيل: الحق بمعنى في أفعاله. ما هو مفهوم الحق في الإسلام - موضوع. وقال الزجاج: ( ذلك) في موضع رفع ؛ أي الأمر ما وصف لكم وبين. بأن الله هو الحق أي لأن الله هو الحق. وقال: ويجوز أن يكون ( ذلك) نصبا ؛ أي فعل الله ذلك بأنه هو الحق. وأنه يحيي الموتى أي بأنه وأنه على كل شيء قدير أي وبأنه قادر على ما أراد.
حقّ العباد على الله تعالى بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشّريف الذي رَواه معاذ بن جبل أنّ لله تعالى حقًا على العباد وهو أن يعبدوه لا يشركوا به شيئًا، كما أنّ للعباد حقّ على الله، وهذا الحقّ هو أن يدخل الله الجنّة من لا يشرك به شيئًا، وبلا شك فإنّ هذا الحقّ يختلف عن حقوق العباد في أنّه غير لازمٍ أو واجبٍ على الله، وإنما يستلزم ذلك كمال الله تعالى وتنزيهه جلّ وعلا.
وقوله: ( وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) يقول: ويعلمون يومئذ أن الله هو الحق الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب، ويزول حينئذٍ الشكُّ فيه عن أهل النفاق، الذين كانوا فيما كان يعدهم في الدنيا يمترون.