وقال الحسن: قيل للربيع بن خثيم، وقد أصابه الفالج: لو تدوايْتَ، فقال: قد مضتْ عادٌ، وثَمودُ، وأصحابُ الرّسّ، وقرونٌ بين ذلك كثير، كان فيهم الواصف، والموصوف له، فما بقي الواصف، ولا الموصوف له إلا قد فَنِي. وقال أبو عُبيدة بن عبد الله بن مسعود: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على عبد الله لم يكن عليه يومئذ إذْن لأحد حتى يقضي كلّ واحد منهما من صاحبه حاجتَه، قال: وقال له عبد الله: يا أبا يزيد، لو أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رآك لأحبَك، وما رأيتك إلّا ذكرتُ المُخْبتين. وروى عاصم، أنه قال: كان عبد الله إذا رأى الربيع بن خثيم، قال: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [سورة الحج:34]. وقال أبو عُبيدة: ما رأيتُ أحدًا كان أشَدّ تلطّفًا في العبادة من ربيع بن خثيم. ضريح الربيع بن خثيم - ويكيبيديا. وقال الشّعْبيّ: ما جلس ربيع بن خثيم في مجلسٍ، كان يقول أكرهُ أن أرى شيئا استُشهد عليه، فلا أشهد، أو أرى حاملةً، فلا أعينها، أو أرى مظلومًا، فلا أنصره. وقال عبد الله بن نُمير في حديثه: ما جلس على مجلس، ولا على ظهر طريق مذ تأزّر بإزار، وقال آخر: أو يفتري رجل على رجل فأكلّف عليه الشهادةَ أو لا أغُضّ البصرَ، أو لا أهدي السبيل. قال سعيد بن مرزوق: قلّما كان الربيع بن خثيم يمرّ على المجلس، وفيه بكر بن ماعز إلا قال له: يا بكر بن ماعز، اخزن لسانك إلّا ممّا لك، ولا عليك، إني اتّهمت الناسَ على ديني.
( 17) حدثنا محمد بن فضيل عن حصين قال: حدثني من سمع الربيع يقول: عجبا لملك الموت وإتيانه ثلاثة: ملك ممتنع في حصونه فيأتيه فينزع نفسه ويدع ملكه خلفه ، وطبيب نحرير يداوي الناس فيأتيه فينزع نفسه ، ومسكين منبوذ في الطريق يقذره الناس أن يدنو منه ، ولا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه. ( 18) حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن ربيع بن خثيم أنه سرقت له فرس من الليل وهو يصلي قيمته ثلاثون ألفا فلم ينصرف ، فأصبح فحمل على مهرها ثم أصبح فقال: اللهم سرقني ولم أكن أسرقه ، قال: وكان ربيع يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعا خافت [ ص: 210] ( 19) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال للربيع: ألا ندعو لك طبيبا ؟ فقال: أنظروني ، ثم تفكر فقال: وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا ، فذكر من حرصهم على الدنيا ورغبتهم فيها ، قال: فقد كانت فيهم أطباء ، فلا المداوي بقي ولا المداوى ، هلك الناعت والمنعوت له ، والله لا تدعون لي طبيبا. ( 20) حدثنا عبيدة بن حميد عن داود عن الشعبي قال: دخلنا على ربيع بن خثيم فدعا بهذه الدعوات: اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله ، وأنت إله الخلق كله ، بيدك الخير كله ، نسألك من الخير كله ، ونعوذ بك من الشر كله.