فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ – التفسير الجامع

الثاني: قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} وعلمه بكل خلق يقتضي أنه سبحانه وتعالى قادر على إحياء العظام وهي رميم. الثالث: قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} فإن من جعل من هذا الأخضر البارد الرطب نارًا وهي يابسة محرقة قادر على أن يعيد الخلق، لأن جعل النار من الشجر الأخضر أبلغ في القدرة. الرابع: قوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فقدرته على خلق السموات والأرض دليل على قدرته على إحياء العظام وهي رميم؛ لأن خلق السموات والأرض أعظم {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى}. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة يس - قوله تعالى فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون- الجزء رقم24. الخامس والسادس: قوله: {الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)} والخلاق صفة لازمة له، وكونه خلاقًا يشمل أن يخلق كل شيء، وكونه عليمًا يدل على أنه لا يخفى عليه شيء من الخلق حتى يعجز عنه. السابع: أنه لا يستعصي عليه شيء، بل إذا أمر بشيء كان في الحال؛ لقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)}. الثامن: تنزيه الله عز وجل عن كل نقص، ومن المعلوم أن العاجز عن إعادة الخلق ناقص، فإذا كان الله تعالى منزهًا عن كل نقص، كان ما وعد به من إحياء العظام وهي رميم واقعًا.

إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة يس - قوله تعالى فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون- الجزء رقم24

من ذلك قولهم: رَهبوت ورحَموت ، ومن أقوالهم الشبيهة بالأمثال «رَهبوت خير من رحموت» أي لأن يرهبَك الناسُ خير من أن يرحموك ، أي لأن تكونَ عزيزاً يُخشى بأسك خير من أن تكون هيّناً يَرقّ لك الناس ، وتقدم عند قوله تعالى: { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض} في سورة الأنعام} ( 75). وجملة { وإليهِ تُرجعُونَ} عطف على جملة التسبيح عطفَ الخبر على الإِنشاء فهو مما شملته الفصيحة. والمعنى: قد اتضح أنكم صائرون إليه غير خارجين من قبضة ملكه وذلك بإعادة خلقكم بعد الموت. وتقديم { إليه} على { تُرْجَعُونَ} للاهتمام ورعاية الفاصلة لأنهم لم يكونوا يزعمون أن ثمة رجعة إلى غيره ولكنهم ينكرون المعاد من أصل. قراءة سورة يس

وقرأ السلمي وزر بن حبيش وأصحاب عبدالله { يرجعون} بالياء على الخبر. الشيخ الشعراوي - فيديو سورة يس الايات 81 - 83 تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي عرفنا في الآية السابقة أن الحق سبحانه إذا قال كُنْ انفعلتْ له الأشياء وأطاعت، أما إنْ قالها الإنسان فلن يستجيب له شيء، وقلنا: إذا ورد لله تعالى وَصْف يُوصف به البشر، فعلينا أنْ نأخذه في إطار { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] إذن: طبيعي أنْ تختم هذه الآيات والسورة كلها بقوله تعالى { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: 83] يعني: تنزيهاً له عن أن يُشبهه أحد، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. وكلمة { مَلَكُوتُ} [يس: 83] من ملك، وهذه المادة الميم واللام والكاف تُستخدم على معان أربعة: الأول: نقول مالك، وهو كل مَنْ ملَك شيئاً ولو كان يسيراً، فلو كان لا يملك إلا الثوب الذي يلبسه يُسمَّى مالك. الثاني: نقول مَلِك وهو الذي يملك مَنْ مَلَك أي: يملك أنْ يتصرف فيه وفي إدارة حركته، الثالث: كلمة المُلْك وهي أن يترقى الملك في أمور ظاهرة يعرفها الناس، الرابع: كلمة الملكوت ويُراد بها الملْك المستور غير الظاهر، وهو أقوى وأعمّ من المُلْك.