اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك

في الصَّحِيحَيْنِ عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه [1] قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَالجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ متَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ»، قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بَلَغْتُ: «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ»، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: «لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» [2]. معاني الكلمات: • أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ: أي إذا أردت النوم. • اضْطَجِعْ: أي نَمْ. • شِقِّكَ: أي جانبك. اللهم اني اسلمت نفسي اليك وفوضت امري اليك. • أَسْلَمْتُ وَجْهِي إليك: أي جوارحي منقادة لله تعالى في أوامره ونواهيه. • فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ: أي توكَّلتُ عليك في أمري كله.

اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك

ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ طاهرًا فيَتعارَّ من الليلِ، فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه" الراوي: معاذ بن جبل - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 5042 - خلاصة حكم المحدث: صحيح. " طاهرًا" أي يَبِيتَ طاهرًا مِن الحَدَثِ الأَصْغَرِ والأكبَرِ. " فيَتعارُّ مِنَ اللَّيلِ "، أي: يَنْتَبِهُ ويَسْتيقِظُ مِنْ نومِه ويتَقلَّبُ، أو يَقْلَقُ دونَ أنْ يَقومَ. وفي الحديثِ: الإشارةُ إلى أنَّ المُداومَةَ على الطَّهارةِ والذِّكْرِ أسبابِ إجابةِ الدُّعاءِ. " ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ " أي: على جانبك الأيمن لأنَّه أدْعى إلى النَّشاطِ والاكتِفاءِ بالقَليلِ مِن النَّومِ، وأعْونُ على الاستيقاظِ في آخِرِ اللَّيل، وأنفَعُ للقلْبِ. قال ابن حجر: وخص الأيمن لفوائد، منها أنه أسرع للانتباه. اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك. وذكر ابن الجوزي أن الأطباء نصوا على أن هذه الهيئة أصلح للبدن. ثمَّ قُلِ " اللَّهمَّ أسلَمتُ وَجْهي إليك " أي: جعلت نفسي كلها منقادة بحكمك، مستسلمة لقضائك، واطمأننت لتسليمها إليك يارب. فأسْلَمْتُ رُوحي عندَ نَومي، المراد الإخلاص، فكل عملي إنما أريد به وجهك الكريم، ولا يقبل عمل إلا إذا أخلص فيه صاحبه. "

وهذا الوضوء يسمى وضوء النوم فلا ينتقض به، ولكن إذا نام ثم استيقظ وجب عليه إعادته من أجل الصلاة. فمن نام على طهارة لا يضره إن أحدث في نومه؛ لأن قلبه قد انعقد على الطهارة، فحصل له المقصود منها. وأوصاه – صلى الله عليه وسلم – أن يضطجع على شقه الأيمن؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم – كان يحب التيامن في كل شيء. ولا بأس أن يتحول إلى جنبه الأيسر بعد أن يذكر الله – عز وجل – بهذا الذكر الذي أوصاه به – صلى الله عليه وسلم – وهو ذكر واضح المعنى لمن أوتى أدنى حظ من العلم، ولكن لا بأس أن نزيد المعنى بياناً، فنقول: معنى "أَسْلَمْتُ نَفسي إِلَيْكَ": سلمتها لك، وفوضت أمرها إليك، إذ لا وجود لها إلا بك، ولا اعتماد لها على سواك، ولا ثقة لها إلا بفضلك، ولا مطمع لها إلا في رحمتك. والإسلام والاستسلام لله معناه: الإخلاص وحسن التوكل والانقياد. قال: العيني: (وفي رواية: " أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ "، والوجه والنفس ها هنا بمعنى الذات. قال ابن الجوزي: يحتمل أن يراد به الوجه حقيقة، ويحتمل أن يراد به القصد، فكأنه يقول: قصدتك في طلب سلامتى. وقد جاء في رواية أخرى: " أَسْلَمْتُ نَفْسِي وَوَجهتُ وَجْهِي إِلَيْكَ "، فجمع بينهما فدل على تغايرهما).