في قوله تعالى من رحمة

وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي ، في قوله: وهو الذي يرسل الرياح قال: إن الله يرسل الريح فيأتي بالسحاب من بين الخافقين طرف السماء والأرض من حيث يلتقيان فيخرجه من ثم ، ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء ، ثم يفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب ، ثم يمطر السحاب بعد ذلك. في قوله تعالى من رحمة :. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله: بشرا بين يدي رحمته قال: يستبشر بها الناس. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي ، في قوله: بين يدي رحمته قال: هو المطر ، وفي قوله: كذلك نخرج الموتى قال: كذلك تخرجون ، وكذلك النشور كما يخرج الزرع بالماء. وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله: كذلك نخرج الموتى قال: إذا أراد الله أن يخرج الموتى أمطر السماء حتى يشقق عنهم الأرض ، ثم يرسل الأرواح فيهوي كل روح إلى جسده ، فكذلك يحيي الله الموتى بالمطر كإحيائه الأرض. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله: والبلد الطيب الآية قال: هو مثل ضربه الله للمؤمن ، يقول: هو طيب وعمله طيب ، كما أن البلد الطيب ثمرها طيب والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة التي لا تخرج منها البركة ، فالكافر هو الخبيث وعمله خبيث ، وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين.

  1. ص486 - كتاب المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة - تفسير قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا - المكتبة الشاملة

ص486 - كتاب المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة - تفسير قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا - المكتبة الشاملة

ورياح جمع ريح ، وأصل ريح روح ، وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو " نشرا " بضم النون والشين جمع ناشر على معنى النسب: أي ذات نشر. وقرأ الحسن وقتادة ، وابن عامر " نشرا " بضم النون وإسكان الشين من نشر. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي " نشرا " بفتح النون وإسكان الشين على المصدر ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، ومعنى هذه القراءات يرجع إلى النشر الذي هو خلاف الطي فكأن الريح مع سكونها كانت مطوية ثم ترسل من طيها فتصير كالمنفتحة. وقال أبو عبيدة: معناه متفرقة في وجوهها على معنى ننشرها هاهنا وهاهنا. ص486 - كتاب المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة - تفسير قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا - المكتبة الشاملة. وقرأ عاصم بشرا بالباء الموحدة وإسكان الشين جمع بشير: أي الرياح تبشر بالمطر ، ومثله قوله تعالى: يرسل الرياح مبشرات ( الروم: 46). قوله: بين يدي رحمته أراد بالرحمة هنا المطر: أي قدام رحمته ، والمعنى: أنه سبحانه يرسل الرياح ناشرات أو مبشرات بين يدي المطر. قوله: حتى إذا أقلت سحابا ثقالا " أقل فلان الشيء: حمله ورفعه ، والسحاب يذكر ويؤنث ، والمعنى: حتى إذا حملت الرياح سحابا ثقالا بالماء الذي صارت تحمله سقناه أي السحاب لبلد ميت أي مجدب ليس فيه نبات ، يقال: سقته لبلد كذا ، وإلى بلد كذا ، وقيل: اللام هنا لام العلة: أي لأجل بلد ميت ، والبلد هو الموضع العامر من الأرض فأنزلنا به الماء أي بالبلد الذي سقناه لأجله أو بالسحاب: أي أنزلنا بالسحاب الماء الذي تحمله أو بالريح: أي فأنزلنا بالريح المرسلة بين يدي المطر الماء ، وقيل: إن الباء هنا بمعنى من: أي فأنزلنا منه الماء فأخرجنا به أي بالماء من كل الثمرات أي من جميع أنواعها.

قلت وإذا سقط الاستدلال من جهة السنة لضعف أسانيدها ، لم يبق إلا ما ذكرناه من تخصيص عموم الآية ، وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم: " فيما سقت السماء العشر " ، بما ذكرنا. كلام القرطبي.