وفيها بِشَارَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، بِشَارَةٌ لِلْأَوَّابِينَ التَّائِبِينَ، بِشَارَةٌ لِلَّذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُمْ بِالغَيبِ؛ بِشَارَةٌ بِالجَنَّةِ؛ فَقَدْ هَيَّأَهَا اللهُ تَعَالَى، وَأَعَدَّهَا، وَأَدْنَاهَا، وَقَرَّبَهَا لَهُمْ: { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}وَقَالَ تَعَـالَى: وبشارة اخرى من الله ففِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ؛ يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ…) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ المُتَّقِينَ عَلَى وَجْهِ التَّهْنِئَةِ: { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}. هَذِهِ الجَنَّةُ وَمَا فِيهَا؛ مِمَّا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ، وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ، هُوَ مَا كُنْتُمْ تُوعَدُونَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) مشكولة - ملتقى الخطباء. تخيلْ يا عبد الله أنكَ الآنَ تَدخلُ مع بابِ الجنةِ، ترحبُ وتسلِّمُ عليك الملائكةُ، ثم تأويْ إلى قصورِك الباذخةِ، مسرورًا قد زالَ عنكَ تعبُ الدنيا ومرضُها وفقرُها وهمومُها، ثم تنظرُ من شُرفةِ قصرِك إلى الأشجارِ والأنهارِ، وأنتَ متكئٌ وبجانبكَ أهلُكَ، وكلُ قريبٍ لكَ قد ماتَ.
المصدر: تفسير القرآن الكريم لابن كثير. انتهى التفسير ♥♥ م... ن
فـكـم مـن كلمة نعـرفهـا نحـن؟؟ وإذن، كل شـك وكل إنـكار لهـذا، فهـو كـفـر صـراح وكـل بحـث في هـذا خـطـر كـبير، لأنه يـؤدي إلى الشـك والإنـكار، وليس لأخـد أن يـتـدخـل في هـذه المغـيبات، فهـذا الـرسـول (صـلى الله عـليه وسـلم) نفـسه لم يتـدخـل فـيها، ولا الصحـابة ولا التابعـون، فـكـذلك عـلينا نحـن أن نـؤمـن ونصـدق ونـقـف عـنـد هـذا الحـد ولا نتـجاوزه.
وقوله: ( بسلام) حال من فاعل ( ادخلوها)، والإشارة في قوله: ( ذلك يوم الخلود) إلى الزمان المفهوم من ( ادخلوها)، فإن الفعل كما يدل على الحدث، يدل على الزمن أي يوم الخلود، وهذا معادل لقوله في الكفار: ( ذلك يوم الوعيد) فيما تقدم، وقوله: ( لهم ما يشاؤون فيها) ( لهم) خبر مقدم، و( ما): اسم موصول مبتدأ مؤخر، و( يشاؤون) صلته، والعائد محذوف وفيها متعلق بـ( يشاؤون)، وقيل: بمحذوف حال من الموصول أو من عائده. المعنى الإجمالي: وقَرَّبْتُ الجنة للمتخذين لأنفسهم وقاية من عذاب الله باتباع أوامره سبحانه واجتناب نواهيه، وأَدْنَيْتُ لهم إدناء غير بعيد، هذا الذي يُعَدُّ لكم، وقد سبق به الوعد من أنبياء الله وفي كتبه لكلِّ رَجَّاع إلى طاعة الله تعالى، صائن لحدود الله، من خاف من واسع الرحمة ولم يره، أو خاف منه في خَلْوتِه وأتى إلى الله في القيامة بقلب مقبل على الله. ادخلوا الجنة مُسَلَّمًا عليكم من الله وملائكته، أو يُحَيِّي بعضكم بعضًا، أو سالمين من العذاب، يوم الدخول المقرون بالسلام هو يوم الإقامة الدائمة الأبدية بجنات عدن، لهؤلاء السعداء ما يطلبون في الجنة، وعندنا زيادة فوق ما يطلبون، لا تخطر بالبال، ولا تندرج تحت مشيئتهم، من معالي الكرامات التي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.