وازلفت الجنة للمتقين غير بعيد

( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد) ثم قال تعالى: ( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد). ق الآية ٣١Qaf:31 | 50:31 - Quran O. بمعنى قريبا أو بمعنى قريب ، والأول أظهر وفيه مسائل: المسألة الأولى: ما وجه التقريب ، مع أن الجنة مكان والأمكنة يقرب منها وهي لا تقرب ؟ نقول: الجواب: عنه من وجوه: الأول: أن الجنة لا تزال ولا تنقل ، ولا المؤمن يؤمر في ذلك اليوم بالانتقال إليها مع بعدها ، لكن الله تعالى يطوي المسافة التي بين المؤمن والجنة فهو التقريب. فإن قيل: فعلى هذا ليس إزلاف الجنة من المؤمن بأولى من إزلاف المؤمن من الجنة ، فما الفائدة في قوله: أزلفت الجنة ؟ نقول: إكراما للمؤمن ، كأنه تعالى أراد بيان شرف المؤمن المتقي أنه ممن يمشى إليه ويدنى منه. الثاني: قربت من الحصول في الدخول ، لا بمعنى القرب المكاني ، يقال يطلب من الملك أمرا خطيرا ، والملك بعيد عن ذلك ، ثم إذا رأى منه مخايل إنجاز حاجته يقال قرب الملك ، وما زلت أنهي إليه حالك حتى قربته ، فكذلك الجنة كانت بعيدة الحصول; لأنها بما فيها لا قيمة لها ، ولا قدرة للمكلف على تحصيلها لولا فضل الله تعالى ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " ما من أحد يدخل الجنة إلا بفضل الله تعالى ، فقيل: ولا أنت يا رسول الله ، فقال: ولا أنا " [ ص: 151] وعلى هذا فقوله " غير " نصب على الحال ، تقديره قربت من الحصول ، ولم تكن بعيدة في المسافة حتى يقال كيف قربت.

إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة ق - قوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد - الجزء رقم13

وفيها بِشَارَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، بِشَارَةٌ لِلْأَوَّابِينَ التَّائِبِينَ، بِشَارَةٌ لِلَّذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُمْ بِالغَيبِ؛ بِشَارَةٌ بِالجَنَّةِ؛ فَقَدْ هَيَّأَهَا اللهُ تَعَالَى، وَأَعَدَّهَا، وَأَدْنَاهَا، وَقَرَّبَهَا لَهُمْ: { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}وَقَالَ تَعَـالَى: وبشارة اخرى من الله ففِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ؛ يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ…) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ المُتَّقِينَ عَلَى وَجْهِ التَّهْنِئَةِ: { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}. هَذِهِ الجَنَّةُ وَمَا فِيهَا؛ مِمَّا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ، وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ، هُوَ مَا كُنْتُمْ تُوعَدُونَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) مشكولة - ملتقى الخطباء. تخيلْ يا عبد الله أنكَ الآنَ تَدخلُ مع بابِ الجنةِ، ترحبُ وتسلِّمُ عليك الملائكةُ، ثم تأويْ إلى قصورِك الباذخةِ، مسرورًا قد زالَ عنكَ تعبُ الدنيا ومرضُها وفقرُها وهمومُها، ثم تنظرُ من شُرفةِ قصرِك إلى الأشجارِ والأنهارِ، وأنتَ متكئٌ وبجانبكَ أهلُكَ، وكلُ قريبٍ لكَ قد ماتَ.

وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد

المصدر: تفسير القرآن الكريم لابن كثير. انتهى التفسير ♥♥ م... ن

( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) مشكولة - ملتقى الخطباء

الثالث: هو أن الله تعالى قادر على نقل الجنة من السماء إلى الأرض فيقربها للمؤمن. وأما إن قلنا إنها قربت ، فمعناه جمعت محاسنها ، كما قال تعالى: ( فيها ما تشتهي أنفسكم) [ فصلت: 31]. المسألة الثانية: على هذا الوجه وعلى قولنا قربت تقريب حصول ودخول ، فهو يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون قوله تعالى: ( وأزلفت) أي في ذلك اليوم ولم يكن قبل ذلك ، وأما في جمع المحاسن فربما يزيد الله فيها زينة وقت الدخول ، وأما في الحصول فلأن الدخول قبل ذلك كان مستبعدا إذا لم يقدر الله دخول المؤمنين الجنة في الدنيا ووعد به في الآخرة فقربت في ذلك اليوم. وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. وثانيهما: أن يكون معنى قوله تعالى: ( وأزلفت الجنة) أي أزلفت في الدنيا ، إما بمعنى جمع المحاسن فلأنها مخلوقة وخلق فيها كل شيء ، وإما بمعنى تقريب الحصول فلأنها تحصل بكلمة حسنة وإما على تفسير الإزلاف بالتقريب المكاني فلا يكون ذلك محمولا إلا على ذلك الوقت أي أزلفت في ذلك اليوم للمتقين.

ق الآية ٣١Qaf:31 | 50:31 - Quran O

فـكـم مـن كلمة نعـرفهـا نحـن؟؟ وإذن، كل شـك وكل إنـكار لهـذا، فهـو كـفـر صـراح وكـل بحـث في هـذا خـطـر كـبير، لأنه يـؤدي إلى الشـك والإنـكار، وليس لأخـد أن يـتـدخـل في هـذه المغـيبات، فهـذا الـرسـول (صـلى الله عـليه وسـلم) نفـسه لم يتـدخـل فـيها، ولا الصحـابة ولا التابعـون، فـكـذلك عـلينا نحـن أن نـؤمـن ونصـدق ونـقـف عـنـد هـذا الحـد ولا نتـجاوزه.

وقوله: ( بسلام) حال من فاعل ( ادخلوها)، والإشارة في قوله: ( ذلك يوم الخلود) إلى الزمان المفهوم من ( ادخلوها)، فإن الفعل كما يدل على الحدث، يدل على الزمن أي يوم الخلود، وهذا معادل لقوله في الكفار: ( ذلك يوم الوعيد) فيما تقدم، وقوله: ( لهم ما يشاؤون فيها) ( لهم) خبر مقدم، و( ما): اسم موصول مبتدأ مؤخر، و( يشاؤون) صلته، والعائد محذوف وفيها متعلق بـ( يشاؤون)، وقيل: بمحذوف حال من الموصول أو من عائده. المعنى الإجمالي: وقَرَّبْتُ الجنة للمتخذين لأنفسهم وقاية من عذاب الله باتباع أوامره سبحانه واجتناب نواهيه، وأَدْنَيْتُ لهم إدناء غير بعيد، هذا الذي يُعَدُّ لكم، وقد سبق به الوعد من أنبياء الله وفي كتبه لكلِّ رَجَّاع إلى طاعة الله تعالى، صائن لحدود الله، من خاف من واسع الرحمة ولم يره، أو خاف منه في خَلْوتِه وأتى إلى الله في القيامة بقلب مقبل على الله. ادخلوا الجنة مُسَلَّمًا عليكم من الله وملائكته، أو يُحَيِّي بعضكم بعضًا، أو سالمين من العذاب، يوم الدخول المقرون بالسلام هو يوم الإقامة الدائمة الأبدية بجنات عدن، لهؤلاء السعداء ما يطلبون في الجنة، وعندنا زيادة فوق ما يطلبون، لا تخطر بالبال، ولا تندرج تحت مشيئتهم، من معالي الكرامات التي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.