معنى لبيك اللهم لبيك هو أمرٌ لا بدَّ من بيانه وتوضيحه، فإنَّ التلبية وقول لبيك اللهم لبيك هي أحد الأدعية والأذكار والأقوال التي يُرددها حجاج بيت الله، وهو ذكر يحمل في طياته الكثير من المعاني العظيمة، التي تُشير إلى عظمة الدين الإسلامي، ومن خلال هذا المقال سنقوم بشرح وتفسير معنى التلبية، كما سنذكر الوقت المحدد لها، وكيفية التلبية، بالإضافة إلى ذكر الفضل الناتج عن ترديد التلبية. معنى لبيك اللهم لبيك تكون التلبية عن طريق ترديد قول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، حيث أنَّه عبارة تُشير في معناها إلى الانقياد التام والاستجابة لخالق الخلق، والخضوع لأمره عزَّ وجل ، كما إنَّ في التلبية استجابة لنداء النبي ابراهيم -عليه السلام- للناس إلى الحج ، حيث ورد ذلك في قوله تعالى: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" [1] ، وإنَّ في قول التلبية إقرار بفضل الله تعالى وعظيم نعمه على الإنسان، وإقرار بتوحيده وإفراده بالعبودية والألوهية، والله أعلم. [2] حكم التلبية إنَّ التلبية هي من الأعمال المشروعة للحجاج عند الإحرام، وقد ذهب الشافعية والحنابلة للقول بأنَّ التلبية هي أحد سنن الإحرام، كما أيَّدهم في ذلك الشيخ بن باز، والشيخ ابن عثيمين، ومن الجدير بالذكر أنَّ التلبية هي من الأذكار الواردة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الإحرام في الحج والعمرة، وإنَّ أذكار الحج والعمرة ليس فيها الوجوب بل هي سُنن مُستحبة، والله أعلم.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك". قال: وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل. • قال البخاري: باب التلبية، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إني لأعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يُلبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك [1] ؛ انتهى. معنى التلبية: الإجابة. • قوله: (لبيك): معناه إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة، وقيل: معنى لبيك اتجاهي وقصدي إليك، وقيل: معناه محبتي لك. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قيل له: أذِّن في الناس بالحج، قال: رب، وما يبلغ صوتي؟ قال: أذِّن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمِعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيؤون من أقصى الأرض يُلبون؛ رواه ابن أبي حاتم. وفي رواية: فأجابوا بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة، إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ.
لبيك لأنه لا شريك لك، ولا إله غيرك، نعم نسينا ذلك كثيرًا، فلم نقلها لك، وقلناها لغيرك، قلنا لشهواتنا: لبيك! قلنا للدنيا: لبيك! بل منا من قال لشيطانه وهواه: لبيك! فماذا كانت النتيجة؟! البعد عنك، ويا له من عقاب وسوء جزاء! الآن رجعنا إليك، عدنا إليك، تُبْنا إليك، جئنا إلى أبواب رحمة طارقين، فلا تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين. لا ندري أين كنا؟! لماذا شرَدنا وبَعُدنا؟ لكننا عُدنا، بعد سنين عُدنا، سنين ضاعت من أعمارنا ونقصت من آجالنا في غفلة منا، ولكن ها نحن يا ربنا إليك قد عدنا، فبرحمتك اشْملنا، وبجميل عفوك اقْبَلنا، فلبيك اللهم لبيك بكلِّ نَفَسٍ من أنفاسنا لبَّيك، بكل نبضة قلب من قلوبنا لبيك، بكل ذرة من ذرات أجسادنا لبيك، لبيك. لبيك يا من له الملك وله الحمد، فالملك لك والشكر لك والحمد لك، ولكن بجهلنا ظنَنَّا أنا مالكون حين أنعمت علينا ببعض نِعمك، وظننا أننا قادرون حينما وهبتنا بعضًا مِن قدرتك، بل ظننا أننا مخلدون بعد أن مَننت علينا بالآجال والأعمار، اغتَررنا بحلمك وعفوك فما انتبهنا! آن الأوان أن نفيق، آن الأوان أن نصحو مِن سُباتنا العميق، آن الأوان أن نضع كلَّ أمر في موضعه... فإذا كنا نقر بأن الملك لك، والخلق لك، والحمد لك، فمن حقِّك أن يكون الأمر لك، والحكم لك، ومن حقك علينا السمع لك والطاعة لك، والاستجابة لك، فلبيك اللهم لبيك.
وما تقدم من صيغة التلبية هي الصيغة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان هذا لا ينفي الزيادة عليها من جنسها كما كان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته ويقول: لبيك لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل. وكان الناس يقولون لبيك ذا المعارج.. ونحوه من الكلام. والنبي عليه السلام يسمع فلا يقول لهم شيئًا، وإن عمر كان يقول بعد التلبية: لبيك ذا النعماء والفضل والثناء الحسن، لبيك مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك. وكان أنس يقول في تلبيته: لبيك حجًا حقًا تعبّدًا ورقًا. فالعبد يقبل على ربه معلنًا فقره وذله له، طالبًا رحمته ورضاه، مظهرًا توحيده، مكثرًا ذكره في تلك الفريضة التي هي فريضة العمر التي قد لا يتاح لأكثر الناس تكرارها، فليحرص المسلم على تكميل حجه والقيام بأركانه وواجباته ومستحباته؛ لعل الله أن يوفقه للحج الكامل فيكون ممن رجع من حجه بعد انتهائه من ذنوبه كمن ولد الساعة بغير ذنب ولا معصية. نسأل الله من فضله أن يوفق الحجاج إلى الحج المبرور، وأن يتقبله منهم برحمته وفضله. المصدر: مجلة البيان العدد 316 ذو الحجة 1434هـ، أكتوبر – نوفمبر 2013م 3 0 7, 457
صحيح الترمذي, سهل بن سعد الساعدي، الألباني، 828، صحيح. ^, شروح الأحاديث, 07/12/2021