فوقع التأكيد. فالقول في جملة { كذلك سخرها لكم لتكبروا الله} كالقول في أشباهها. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحج - الآية 37. وقوله { على ما هداكم} { على} فيه للاستعلاء المجازي الذي هو بمعنى التمكن ، أي لتكبّروا الله عند تمكنكم من نحرها. و ( ما) موصولة ، والعائد محذوف مع جارّه. والتقديرُ: على ما هداكم إليه من الأنعام. والهداية إليها: هي تشريع الهدايا في تلك المواقيت لينتفع بها الناس ويرتزق سكان الحرم الذين اصطفاهم الله ليكونوا دعاةَ التوحيد لا يفارقون ذلك المكان ، والخطاب للمسلمين. وتغيير الأسلوب تخريج على خلاف مقتضى الظاهر بالإظهار في مقام الإضمار للإشارة إلى أنهم قد اهتدوا وعملوا بالاهتداء فأحسنوا.
ومعلوم أن القاعدة توظف في السياق تقديما وتأخيرا، فيختار لها الموضع المناسب والمعرض الحسن [3]. · مبلغ الفصاحة وقوة البيان في هذه العبارة الموجزة) قال ومن ذريتي ( ، أي قال: واجعل من ذريتي أئمة للناس، وهو إيجاز في الحكاية عنه لا يعهد مثله إلا في القرآن. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحج - الآية 37. · ثم قال عز وجل:) لا ينال عهدي الظالمين ( ، أي: إنني أعطيك ما طلبت وسأجعل من ذريتك أئمة للناس، ولكن عهدي بالإمامة لا ينال الظالمين؛ لأنهم ليسوا بأهل لأن يقتدى بهم؛ ففي العبارة من الإيجاز ما يناسب ما قبلها، وإنما اكتفى في الجواب بذكر المانع من منصب الإمامة مطلقا وهو الظلم لتنفير ذرية إبراهيم منه؛ لكيلا يقعوا فيه فيحرموا هذا المنصب العظيم، [4] "فدل ذلك على أن منصب الإمامة والرياسة في الدين لا يصل إلى الظالمين، فهؤلاء متى أرادوا وجدان هذا المنصب وجب عليهم ترك اللجاج والتعصب للباطل" [5]. ( *) عصمة القرآن وجهالات المبشرين، إبراهيم عوض، مكتبة زهراء الشرق، مصر، 2004م. رد مفتريات على الإسلام، عبد الجليل شلبي، دار القلم، الكويت، ط1، 1402هـ/ 1982م.. [1]. حقائق القرآن وأباطيل خصومه، د. عبد العظيم المطعني، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1423هـ/ 2002م، القسم الثالث، ص20.
ومعلوم أن الناس كلما ابتعدوا عن الفطرة التي فطرهم عليها خالقهم سبحانه وتعالى، وقعوا في العسر، وكلفوا أنفسهم ما لا يطيقون ، وجعلوا حياتهم في غاية التعقيد، وحولوها من حياة سوية هادئة مطمئنة سعيدة إلى حياة منحرفة مضطربة شقية. وتوجد أمثلة كثيرة في كتاب الله عز وجل عن انحراف الناس عن الفطرة التي فطرهم الله عز وجل عليها ، ومن أمثلتها انحرافهم فيما يطعمون ويشربون حيث وسع عليهم ربهم في ذلك إلا أنهم يضيقون على أنفسهم حين ينصرفون عن الكثير الطيب الذي أحله لهم من طعام وشراب ، ويتعاطون القليل الخبيث الذي حرمه عليهم، وهو مما يفسد عليهم فطرتهم التي فطرهم عليها والتي بها يتحقق تكريمهم وتفضيلهم على كثير ممن خلق تفضيلا. ومن فساد فطرهم تقربهم بالذبائح لغير خالقهم سبحانه وتعالى ، وقد تعبدهم بأن يتقربوا بها إليه وحده دون إشراك غيره معه في ذلك، لأن الذبائح المتقرب بها إليه طيبة بينما المتقرب بها إلى غيره خبيثة ومحرمة مصداقا لقوله عز من قائل: (( حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكّيتم وما ذبح على النصب)) فهذه كلها مأكولات خبيثة مفسدة للفطرة السوية ، وفيها مضرة ومعرة.
الثالثة: قوله تعالى: لتكبروا الله على ما هداكم ذكر سبحانه ذكر اسمه عليها من الآية قبلها فقال عز من قائل: فاذكروا اسم الله عليها ، وذكر هنا التكبير. وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يجمع بينهما إذا نحر هديه فيقول: باسم الله والله أكبر ؛ وهذا من فقهه - رضي الله عنه -. وفي الصحيح عن أنس قال: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين. قال: ورأيته يذبحها بيده ، ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما ، وسمى وكبر. وقد اختلف العلماء في هذا ؛ فقال أبو ثور: التسمية متعينة كالتكبير في الصلاة ؛ وكافة العلماء على استحباب ذلك. فلو قال ذكرا آخر فيه اسم من أسماء الله تعالى وأراد به التسمية جاز. وكذلك لو قال: الله أكبر فقط ، أو لا إله إلا الله ؛ قال ابن حبيب. فلو لم يرد التسمية لم يجز عن التسمية ولا تؤكل ؛ قال الشافعي ، ومحمد بن الحسن. وكره كافة العلماء من أصحابنا وغيرهم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند التسمية في الذبح أو ذكره ، وقالوا: لا يذكر هنا إلا الله وحده. وأجاز الشافعي الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح. الرابعة: ذهب الجمهور إلى أن قول المضحي: اللهم تقبل مني ؛ جائز.