حفرة حرقفية - ويكيبيديا

وصلت أخيراً. ما إن وطأت قدماي الحي، ومشيتُ أول خطوتين فيه، حتى سارع نحوي صغار أتراك تعلموا بضع كلمات عربية لجذب القادمين، "لوين تروح؟". مشينا قليلاً، وبقيت إلى جانبي طفلة صغيرة سألتها عن مقهى "عائلة كوشوفالي" الذي كان يجتمع فيه أبطال المسلسل، فأوصلتني إليه. أهلاً بك في شوقور.. الحي الذي صُوّرت فيه أشهر دراما تلفزيونية تركية. داخل الأزقة، كان مسنّون أرهقهم الحر الشديد فجلسوا خارج بيوتهم، يبتسمون لكل من يمرّ أمامهم مُرحّبين به بكلمتهم المعتادة: Hoşgeldiniz (أهلاً وسهلاً). كنت أبتسم لهم، وأنا أحاول قراءة مئات الكلمات التي كُتبت على الجدران، على النوافذ، على الأعمدة، في كل مكان. كلّها امتلأت بكلمات çukur (وهو اسم المسلسل التركي)، وأسماء الممثلين فيه، وعبارات أخرى كتبها، على ما يبدو، عشاق لبعضهم في الحي. حين تابعت المسلسل قبل سنة، لم أكن أعلم أن المكان الذي صُوّر فيه بات مقصداً للسياح. وصلنا إلى الزقاق الشهير، حيث مقهى الحفرة وساحة الأسلحة والأحداث المشوّقة الكثيرة التي دارت فيه. شكرْت مرافقتي الصغيرة ببضع ليرات، ثم شردْت قليلاً أمام المقهى، وأنا أرى الممثل الوسيم أراس بولوت إينيملي الذي يقوم بدور "ياماش" وهو يدخل الحي، ويتقدّم أمامه والده "إدريس" الذي يؤدي دوره الممثل أرجان كيسال، وهو يحيّي الأهالي المصفوفين على جانب الطرقات بحركة يده المعتادة ونظرته الواثقة.

أهلاً بك في شوقور.. الحي الذي صُوّرت فيه أشهر دراما تلفزيونية تركية

"بيت فارتولو سعد الدين؟؟"، بمصطلحات عربية قليلة بدا واضحاً أنه تعلّم لكنتها من سائح لبناني، كان "سليم" يسألني إن كنت أود التجول في منزل بطل المسلسل "فارتولو" مقابل 100 ليرة، وصلنا في النهاية إلى 50 ليرة وتم الاتفاق. قبل أن أغادر الحي النظيفة أزقتّه بشكل لافت، كانت جملة واحدة تراودني رددّها بطل المسلسل "إدريس" وهو يحدّث أبناءه الـ4 داخل مقهى الحي، "نحن نعتني بالحفرة والحفرة تعتني بنا". وبدا لي أن سكان الحي، لم تنته أدوارهم عند مشاهدة المسلسل فقط، فكانوا يعتنون بـ"الحفرة" أيضاً (الحي)، والحفرة تعتني بهم وتعود إليهم بمردود مالي من السياح. هذا المنزل أو ساحة السيارة تلك أو حتى المقاهي، تستقطب يومياً عشرات الزوار كما قال لي البائع التركي علي؛ يأكلون في مطعم الشاورما الصغير بالحي نفسه، واسمه çukur وأسفله صورة كبيرة للممثلين المشاركين في "الحفرة". أو ربما يشربون الشاي أو القهوة التركية في المقاهي الكثيرة المنتشرة، ويلتقطون صوراً كثيرة في المكان. صور شعار الحفره. "الحفرة".. الأكثر تحقيقاً للأرباح ووفق مجلة "فوربس التركية"، تصدّر مسلسل "الحفرة" القائمة كأكثر مسلسل تحقيقاً للأرباح المادية، الأمر الذي سبّب مفاجأة كبيرة كونه تفوّق على مسلسل "قيامة أرطغرل" الذي حلّ في المرتبة الثالثة ضمن القائمة، رغم أن "الحفرة" بدأ عرضه بعد "قيامة أرطغرل" وقُدّم منه موسمان فقط.

لا تزال الأمور على غموصها لناحية حتمية اجراء الانتخابات النيابية في منتصف أيار المقبل او إرجائها لاشهر قليلة، في حين بدأت تتسل إلى الكواليس نقاشات تتعلق بالاستحقاق المقبل بين فرضيات متعددة تنطلق من شكل المجلس النيابي وتوزيع مقاعده. من البديهي اعتبار دائرة الشمال الثالثة عتبة رئاسية فائقة الأهمية، على الرغم من تركيز "التيار الوطني الحر" على مقعد البترون بكونه التحدي المصيري لرئيس التيار جبران باسيل، غير انه لا قيمة رئاسية له طالما ان الإنجاز يكمن بتحصيل مقاعد في الدائرة المسيحية الابرز خارج قضاء البترون. ولعل الأهم عند باسيل قدرته على مقارعة "القوات اللبنانية "في بشري و"المردة" في زغرتا. في المقابل يسعى رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى التمدد شمالا خارج الدائرة المذكورة ، في ظل حرص القوات اللبنانية على "تلوين" كتلتها "، فلا ضير قواتيا بانضمام مرشح عكار وسام منصور من صلب الحزب الشيوعي على الرغم من صعوبة تسويقه لدى القواعد الحزبية ، وكذلك الأمر في طرابلس حيث يخوض الانتخابات ايلي خوري كونه ابن حي السيدة في القبة من صلب المجتمع الطرابلسي المتنوع. بالمقابل ، رغم الطابع المحلي لزعامة سليمان فرنجية وحصرها في زاوية زغرتا، تشير المعطيات إلى كونه الاكثر تقدما في دوائر الشمال الثلاث، نظرا لكون تياره السياسي شمالي الهوى و تلتف حوله شرائح تتخطى الطائفة المسيحية، ما يجعله يخوض الاستحقاق بنكهة رئاسية طاغية.