ابن شهاب الزهري

وقال مكحول الدمشقي: من تعلّم القرآن وتفقّه في الدين ثمّ أصحب السلطان تملّقاً إليه وطمعاً في يديه، خاض في بحر من نار جهنّم بعدد خطاه. وقال سحنون: ما أقبح بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيُسئل عنه فيقال: إنّه عند الأمير. قال: وكنت أسمع أنّه يقال: إذا رأيتم العالم يحبّ الدنيا فاتّهموه على دينكم، حتّى جرّبت ذلك، إذ ما دخلت قط على السلطان إلاّ ما رأيت نفسي بعد الخروج، وأنتم تعلمون وترون ما ألقاه به من الغلظة والفظاظة وكثرة المخالفة لهواه ولوددت أن أنجو من الدخول كفافاً، مع أنّي لا آخذ منه شيئاً ولا أشرب لهم شربة ماء. سيرة حياة ابن شهاب الزهري - سطور. قال: وزماننا هذا شرّ من علماء بني إسرائيل، يخبرون السلطان بالرّخص وبما يوافق هواه، ولو أخبروه بالذي عليه وفيه نجاته لاستثقلهم، فكره دخولهم عليه، وكان ذلك نجاة لهم عند ربّهم. وقال الحسن: كان فيمن كان قبلكم رجل له قدم في الإسلام وصحبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال عبدالله بن المبارك: عنى به سعد بن أبيوقاص رضي الله عنه ـ وكان يغشى السلاطين، فقعد عنهم، فقال له بنوه: يأتي هؤلاء من ليس هو مثلك في الصحبة والقدم في الإسلام، فلو أتيتهم. فقال: بني! إنّ الدنيا جيفة وقد أحاط بها قوم، والله لئن استطعت لا اُشاركهم فيها.

  1. سيرة حياة ابن شهاب الزهري - سطور

سيرة حياة ابن شهاب الزهري - سطور

ابن سعد: حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز ، سمعت الزهري ، يقول: نشأت وأنا غلام ، لا مال لي ، ولا أنا في ديوان ، وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وكان عالما بذلك وهو ابن أخت قومي وحليفهم. فأتاه رجل ، فسأله عن مسألة من الطلاق فعي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب. فقلت في نفسي: ألا أراني مع هذا الرجل المسن يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه ، ولا يدري ما هذا ؟! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب ، وتركت ابن ثعلبة ، وجالست عروة ، وعبيد الله ، وأبا بكر بن عبد الرحمن حتى فقهت ، فرحلت إلى الشام ، فدخلت مسجد دمشق في السحر ، وأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة ، فجلست فيها. فنسبني القوم ، فقلت: رجل من قريش ، قالوا: هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد ؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب ، فقالوا: هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب وهو حاميك ، وقد سأله أمير المؤمنين ، وقد سألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما ، فجاء قبيصة فأخبروه الخبر ، فنسبني فانتسبت ، وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه ، فأخبرته. قال: فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين ، فصلى الصبح ، ثم انصرف فتبعته ، فدخل على عبد الملك ، وجلست على الباب ساعة ، حتى ارتفعت الشمس ، ثم خرج الآذن ، فقال: أين هذا المديني القرشي ؟ قلت: ها أناذا ، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه ، وأمر به فرفع ، وليس عنده غير قبيصة جالسا ، فسلمت عليه بالخلافة ، فقال: من أنت ؟ قلت: محمد بن مسلم.

[1] ولد سنة خمسين أو إحدى وخمسين أو اثنان وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة، في آخر خلافة معاوية ، في السنة التي ماتت فيها عائشة زوجة الرسول محمد. ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة ، أسند الزهري أكثر من ألف حديث عن الثقات ومجموع أحاديث الزهري كلها 2200 حديث. [1] نشأ فقيراً فأكب على العلم، ولازم بعض صغار الصحابة وعلماء التابعين، فمن الصحابة أمثال: أنس بن مالك ، وسهل بن سعد الساعدي، ومن التابعين، فقهاء المدينة السبعة ، وعبيد الله بن عمر ، وغيرهم من كبار التابعين. قال أحمد بن حنبل: أصح الأسانيد الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه. توفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 124 هـ ودفن بشغب، آخر حدّ الحجاز وأول حد فلسطين وقيل توفي سنة 123 هـ نسبه [ عدل] هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الأكبر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث الزهري بنو زهرة الكلابي بنو كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشي بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو بكر المدني. أمه: عائشة بنت عبد الله الأكبر بن شهاب، الزهرية القرشية.