ما حكم المسح على الجورب المخرق والخفيف؟ - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين) رواه أحمد وأبو داود والحاكم. وعن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم: ( توضأ ومسح على الجوربين والنعلين) رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح. وقد ثبت المسح على الجوربين عن جماعة كبيرة من الصحابة رضي الله عنهم ، قال الإمام النووي (وحكى ابن المنذر إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة علي وابن مسعود وابن عمر وأنس وعمار بن ياسر وبلال والبراء وأبي أمامة وسهل بن سعد) المجموع 1/499. وقال العلامة ابن القيم: ( قال ابن المنذر روي المسح على الجوربين تسعة من الصحابة رضي الله عنهم وهم: علي وعمار وأبي مسعود الأنصاري وأنس وابن عمر والبراء وبلال وعبد الله ابن أبي أوفى وسهل بن سعد. وزاد أبو داود – صاحب السنن – أبو أمامة وعمرو بن حريث وعمر وابن عباس فهؤلاء ثلاثة عشر صحابياً والعمدة في الجواز على هؤلاء رضي الله عنهم … وقد نص أحمد على جواز المسح على الجوربين وعلل رواية أبي قيس. وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله وإنما عمدته هؤلاء الصحابة وصريح القياس فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه … ولا نعرف في الصحابة مخالفاً لمن سمينا) تهذيب سنن أبي داود 1/187-189.
  1. شروط المسح على الجورب

شروط المسح على الجورب

وأمَّا اشتراطُ الجمهورِ السلامةَ مِنَ الخَرْق والتشقيقِ ونحوِهما قياسًا على عَدَمِ جوازِ المسح على الخفِّ المخرَّق؛ فإنَّ هذا الشرط مُعارَضٌ بالأصل المقرَّرِ أنَّ: « كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ » ( ١١) أوَّلًا، ومُنافٍ ـ ثانيًا ـ للإذن في المسح على الخفَّيْن مطلقًا؛ فكان شاملًا لكُلِّ ما وَقَعَ عليه اسْمُ: «الخفِّ» كما هو ظاهرٌ مِنَ النصوص الحديثية، ولا يَسَعُ أَنْ يُسْتثنى منه إلَّا بمُسْتَنَدٍ شرعيٍّ وهو مُنْتَفٍ؛ وعليه لا يتمُّ القياسُ صحيحًا لاختلالِ شرطِ: «ثبوتِ حكمِ الأصل المَقيسِ عليه»، و« إِذَا سَقَطَ الأَصْلُ سَقَطَ الفَرْعُ ». ومِنْ جهةٍ ثالثةٍ فإنَّ خِفافَ الصحابةِ رضي الله عنهم لا تخلو مِنْ كونها مخرَّقةً ومشقَّقةً ومرقَّعةً، وهي السِّمَةُ الظاهرةُ بل الغالبةُ في لباسهم؛ فلو كان الخرقُ يمنع مِنَ المسح لَبيَّنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ المَقامَ مَقامُ بيانٍ، و« تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ » كما تَقَرَّرَ في القواعد، علمًا بأنَّ مِثْلَ هذه الشروطِ المُرْسَلةِ تُناقِضُ مقصودَ الشارعِ الحكيم المُراعي للتيسير والتوسعةِ برفعِ الحرج والتضييق عن المكلَّفين.

( ٨) أخرجه عبد الرزَّاق في « المصنَّف » (١/ ٢٠١) رقم: (٧٨٢)، وابنُ أبي شيبة في « المصنَّف » (١/ ١٧٣) رقم: (١٩٩٤). وسندُه حسنٌ، انظر: تحقيق الألباني ﻟ: « المسح على الجوربين والنعلين » للقاسمي (٥٨). ( ٩) أخرجه ابنُ أبي شيبة في « المصنَّف » (١/ ١٧٣) رقم: (١٩٩٢). وسندُه حسنٌ، انظر: تحقيق الألباني ﻟ: « المسح على الجوربين والنعلين » للقاسمي (٥٨). ( ١٠) أخرجه ابنُ أبي شيبة في « المصنَّف » (١/ ١٧٣) رقم: (١٩٩١). وسندُه صحيحٌ، انظر: تحقيق الألباني ﻟ: « المسح على الجوربين والنعلين » للقاسمي (٦٧). ( ١١) أخرجه ـ بهذا اللفظِ ـ النسائيُّ في « الطلاق » بابُ خيارِ الأَمَةِ تُعْتَقُ وزوجُها مملوكٌ (٣٤٥١)، وابنُ ماجه في « العتق » باب المكاتب (٢٥٢١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وأخرجه البخاريُّ في « البيوع » باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تَحِلُّ (٢١٦٨)، ومسلمٌ في « العتق » (١٥٠٤)، بلفظ: « مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ [عَزَّ وَجَلَّ] فَهُوَ بَاطِلٌ ». ( ١٢) أخرجه ابنُ أبي شيبة في « المصنَّف » (١/ ١٦٤) رقم: (١٨٨٥). ( ١٣) تحقيق الألباني لرسالة: « المسح على الجوربين والنعلين » للقاسمي (٥٨).