هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا

وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين ، في الثلاثاء والأربعاء ، وذلك حين يقول: ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) [ فصلت: 9 ، 10]. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 29. يقول: أنبت شجرها ( وقدر فيها أقواتها) يقول: أقواتها لأهلها ( في أربعة أيام سواء للسائلين) [ فصلت: 10] يقول: من سأل فهكذا الأمر. ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان) [ فصلت: 11] وذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس ، فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين ، في الخميس والجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض ، ( وأوحى في كل سماء أمرها) [ فصلت: 12] قال: خلق الله في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها ، من البحار وجبال البرد وما لا نعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين. فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش ، فذلك حين يقول: ( خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) [ الأعراف: 54] ويقول ( كانتا رتقا ففتقناهما) [ الأنبياء: 30]. وقال ابن جرير: حدثني المثنى ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد ، عن عبد الله بن سلام أنه قال: إن الله بدأ الخلق يوم الأحد ، فخلق الأرضين في الأحد والاثنين ، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السماوات في الخميس والجمعة ، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة ، فخلق فيها آدم على عجل ، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة.

وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام

(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)). [البقرة: ٢٩]. (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أي خلق لكم، براً بكم ورحمة، جميع ما على الأرض للانتفاع والاستمتاع والاعتبار. (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) أي ثم قصد إلى السماء. • قال ابن كثير: والاستواء ههنا متضمن معنى القصد والإقبال لأنه عدي بـ (إلى) والمعنى: ثم قصد إلى السماء. (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) أي: هيأهن وخلقهن ودبرهن وقومهن، والتسوية في كلام العرب التقويم والإصلاح والتوطئة. هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا اعراب. وهذا يدل على كمال خلق السموات: كما قال تعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) وقال تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ). وقال تعالى (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ). وقال تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ). وقال تعالى (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ). • هذه الآية تدل على أن خلق الأرض قبل خلق السماء بدليل لفظة ثم التي هي للترتيب والانفصال وكذلك آية حم السجدة تدل أيضا على خلق الأرض قبل خلق السماء لأنه قال فيها (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) إلى أن قال (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ).

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 29

وكل أولئك يقتضي اقتلاع الكفر من نفوسهم. وفي هذه الآية فائدتان: الأولى أن لام التعليل دلت على أن خلق ما في الأرض كان لأجل الناس ، وفي هذا تعليل للخلق وبيان لثمرته وفائدته فتثار عنه مسألة تعليل أفعال الله تعالى وتعلقها بالأغراض. والمسألة مختلف فيها بين المتكلمين اختلافا يشبه أن يكون لفظيا ، فإن جميع المسلمين اتفقوا على أن أفعال الله تعالى ناشئة عن إرادة واختيار وعلى وفق علمه وأن جميعها مشتمل على حكم ومصالح وأن تلك الحكم هي ثمرات لأفعاله تعالى ناشئة عن حصول الفعل فهي لأجل [ ص: 380] حصولها عند الفعل تثمر غايات ، هذا كله لا خلاف فيه.

اهـ [4] [1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق (1/ 91). [2] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 71). [3] تفسير القرآن العظيم لأبن كثير- الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع (1/ 213). [4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 48).