الساعون في قضاء حوائج الناس

للعبادةِ في الإسلامِ مفهومٌ أشملُ وأعمُّ من الاقتصار على الفرائض؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فحياةُ المسلمِ كلها عبادة، وعلى هذا المفهوم نجد أن الناس قد تغافلوا عن عبادات كثيرة، سأحدثكم اليوم عن واحدة منها، ألا وهي " عبادة قضاء حوائج الناس "، فهذه العبادة نُسيت بين الناس، مع أنها كانت دأبَ الأنبياء والصالحين. وقبلَ بيانِ حالِ الأنبياء والسلف مع هذه العبادة، وفضل ثوابها، وعقوبة تاركها، لا بد من أن نصحِّحَ خطأً شائعًا يتعلَّقُ بمفهوم هذه العبادة، فأكثرُ الناسِ خطأً يعتقد أن عبادة قضاء الجوائح تقتصر على نعمة المال فحسب، وهذا خطأ بَيِّنٌ؛ إذ إن قضاء الحوائج يكون بكلِّ نعمة أنعم الله عليك بها وليست عند غيرك، فمن أنعم الله عليه بالمال فعليه أن يقضي به حاجة من لا مال له، ومن أنعم الله عليه بنعمة الصحة فعليه أن يقضي بها حاجة الضعيف، ومن أنعم الله عليه بنعمة العقل والحكمة، قضى حاجة الناس بالصلح بينهم، ومن أنعم الله عليه بنعمة السلطان والجاه قضى حاجة من لا سلطان له ولا جاه... وهكذا.

الساعون في قضاء حوايج الناس حديث صحيح

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم، بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها بالقاهرة، بحضور الدكتور هشام عبد العزيز رئيس القطاع الديني، والدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة ، والدكتور محمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة وعدد من القيادات الدينية بالأوقاف وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.

الساعون في قضاء حوايج الناس وتفريج كرباتهم

من جملة ما أوصى به الإمام الصادق عليه السلام صاحبه عبد الله بن جندب: "يا ابن جندب: الساعي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة". في قضاء حوائج الناس.. متعة لا يدركها إلا السائرون فيها. الصفا والمروة موضعان خطت بأقدام المتوكّلة على الله هاجر حليلة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وقد كان همّها إيجاد شيء من الماء ونقله لتبريد كبد نبي الله إسماعيل عليه السلام، إبّان كان فطيماً، فَخلّدَ الله لها ذلك في قرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النهار حيث جعل السعي في مواضع أقدامها شعيرة من شعائره العظيمة، فقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾ [1]، وقال عزّت آلاؤه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [2]. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من بقعة أحبُّ إلى الله من المسعى…"[3]. وروى الإمام أبو جعفر مُحمد بن علي الباقر عليهما السلام، فقال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرجل من الأنصار: "إذا سعيت بين الصفا والمروة كان لك عند الله أجر من حجَّ ماشياً من بلاده، ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة"[4]. وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال: "الساعي بين الصفا والمروة، تشفع له الملائكة، فتُشفّع فيه بالإيجاب"[5]، أي أنّها تُقبل شفاعتُهم بإيجاب الله على نفسه في حقّه.

الساعون في قضاء حوائج الناس من

كثيرة هي الأعمال التي يحتاج كل إنسان أن يقوم بها في حياته؛ خاصة إذا كان مسئولًا عن عائلة وأسرة؛ فهناك أعمال اقتصادية، وأخرى اجتماعية، وثالثة إدارية، ورابعة صحية، وغير ذلك من واجبات يحملها أي إنسان كل صباح ومساء، وقد يعجز المرء عن القيام بجميع هذه الواجبات، فيقع الضرر عليه أو على مَنْ يحبُّ، وهنا يبرز دور هذه السُّنَّة النبوية الجميلة التي بين أيدينا، وهي سُنَّة السعي لقضاء حوائج الناس. وقد يظنُّ البعض أن مساعدة الناس لا تكون إلا بالمال، أو يظن أن اكتفاءه بإعطاء المال يُغنيه عن السعي والتحرك مع إخوانه لقضاء حوائجهم؛ ولكن الواقع أن (السعي) لقضاء الحاجات من أَجَلِّ الأعمال، وأعظمها عند الله جل وعلا؛ إذ أن ذلك يفوق أجر المعتكف المنقطع لعبادة الله تعالى. الساعون في قضاء حوايج الناس حديث صحيح. فالواضح أن المقصود هو (السعي) لإتمام الحاجة، والحاجة قد تكون في إنهاء بعض الإجراءات القانونية التي تتطلب وجاهة، أو في شراء أشياء ومتطلبات، أو في المصاحبة في سفر أو زيارة، أو في صناعة شيء أو إصلاحه أو إعداده، أو غير ذلك من الأشياء التي تحتاج إلى جهد. كما أن أهل المروءة والنجدة لا يمكنهم أن يروا مضطرًا إلا أجابوه، ولا محتاجًا إلا أعانوه، ولا ملهوفًا إلا أغاثوه، فإن هذا من أصول المروءة كما قال ميمون بن مهران: "أول المروءة طلاقة الوجه، والثاني التودد، والثالث قضاء الحوائج"، وقال سفيان الثوري: "المروءة: الإنصاف من النفس ، والتفضل".

ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة. فدخل إليها طلحة نهارا فإذا عجوزا عمياء مقعدة ، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى. فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتبع؟! 3) وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن 4) وقال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر 5) وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته. فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها وإذا علمت أخي المسلم أن هذا الثواب العظيم كله لمن يخدم أخاه المسلم وهو له سنة فاضلة. قضاء حوائج الناس. فكيف بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه. فالله الله بالوالدين والحذر كل الحذر من العقوق أعاذنا الله وإياكم من ذلك. *منقول.. ---------------- ** تعليق على الموضوع.. قد كثر بيننا من يتكبر بمصدر قوة يمتلكها ويتميز بها عن غيره ، وفوق كل ذلك يذل أخيه من هو حاجة لما يملكه هو.. وينسى أن الدنيا في تقلب من حال إلى حال.. فدوام الحال من المحال... ويغفل عن يوم يقف فيه للحساب...!!