كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية - المكتبة الشاملة

قال المُصلح الجزائري العلَّامة محمد البشير الإبراهيمي: "عَلَمٌ من الأعلام الذين يعدهم التاريخ الحاضر من ذخائره، فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية، مستقلٌ في الاستدلال، واسع الثَّراء من كُنوزها، فسيح الذَّرع بتحمُّلِها، نافذ البصيرة في معقولها، وافر الاطلاع على المنقول منها، أقرَأَ وأفاد، وتخرَّجَت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي". محمد الطاهر بن عاشور ويكيبيديا. وقال عنه الدكتور عبد الرحمن العثيمين: "من أفاضِلِ الرِّجال في عصرنا، أدركتهُ ولم يقدَّر لي رؤيته وهو – بلا شَك- من محاسِن العصر، ونوادر الرِّجال، رئيس المفتين المالكيين في تونس، وشيخ جامعة الزيتونة بها، خلَّفَ مكتبة حافلة بنوادر المخطوطات والمطبوعات، وألَّفَ آثاراً جليلة.. ". وفاته:- وبعد رحلة حافلة بالعلم والإصلاح والفكر والتجديد والإبداع؛ انتقل الشيخ محمد الطاهر بن عاشور إلى الرفيق الأعلى يوم (13 رجب 1393هـ)، الموافق لـ(12 أغسطس 1973م). المصادر:- كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ لابن عاشور، مقدمة محقق الكتاب طه بوسريح التونسي.

محمد الطاهر بن عاشور .. الشيخ المفسر الفقيه الأصولي الأديب │ تاريخكم.

يوم ليوم الدفن. وأبطلوا ما يُسمى بالفرق الثاني - الذي هو سادسُ يوم الدفن - وما يسمى بالزيادة الذي هو نهايةُ الأسبوع الثاني ليوم الوفاة، ومأتم الأربعين، ومأتم غلق العام. مع أن هذه العوائد مفعولها ومتروكها لا حظَّ لها في السنة، وما هي إلا من العوائد المبتدَعَة الجارية على أحكام البدعة الخمسة. (١) وهم وإن أحسنوا فيما أبطلوه منها، فهم لم يصيبوا في اعتقاد أن ما استبقوه هو من السنة. هذا ولإكمال الفائدة في هذا الغرض نُلِمُّ بالمقصد الشرعي في باب التعزية؛ فإن من مقاصد الشريعة إبطالَ ما كان عليه أهلُ الجاهلية من إظهار الحزن والجزع عند المصيبة، ومن التظاهر به والمبالغة فيه والإعانة عليه. ولذلك ورد الوعيدُ الشديد على النياحة، وشقِّ الجيوب، ولطم الخدود، وحَثْوِ التراب، ورثاثة الحال. محمد الطاهر بن عاشور .. الشيخ المفسر الفقيه الأصولي الأديب │ تاريخكم.. وحكمةُ هذا التشريع الجليل الذي انفرد به الإسلام أن حلولَ المصائب بالإنسان من نواميس هذا العالم، وهي من مكاره الدنيا. فمن شأنها أن تَغُمَّ النفسَ وتُفْسِدَ المزاج، فينشأ عن أعراضها أدواءُ كثيرةٌ مضرتُها على صحة البدن محُقَّقة. ولذلك كان الجزاء عليها بالثواب الجزيل؛ لأن ما يصيب المؤمنَ من الرزايا يناله عليه الثوابُ حتى الشوكة يشاكها، كما ورد في الصحيح.

وقال أيضا رحمه الله: "وَوَصْفُ الضَّلَالِ بِالْمُبِينِ دُونَ وَصْفِ الْهُدَى بِالْمُبِينِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْهُدَى مَقُولٌ عَلَيْهَا بِالتَّوَاطُؤِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا الْأَشَاعِرَةِ: الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فِي ذَاتِهِ ، وَإِنَّمَا زِيَادَتُهُ بِكَثْرَةِ الطَّاعَاتِ ، وَأَمَّا الْكُفْرُ فَيَكُونُ بِإِنْكَارِ بَعْضِ الْمُعْتَقَدَاتِ ، وَبِإِنْكَارِ جَمِيعِهَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ. محمد الطاهر بن عاشور. وَلِذَلِكَ قِيلَ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ ، فَوَصَفَ كُفْرَهُمْ بِأَنَّهُ أَشَدُّ الْكُفْرِ ، فَإِنَّ الْمُبِينَ هُوَ الْوَاضِحُ فِي جِنْسِهِ الْبَالِغُ غَايَة حَده " (22/193). وينظر أيضا: "التحرير والتنوير" (16/187) ، (30/147). وينظر أيضا كتاب: "أليس الصبح بقريب" له (184). ويظهر اعتقاد العلامة ابن عاشور رحمه الله واضحا في موقفه من نصوص الصفات ، فهو إما أن يؤولها ، وإما أن يفوضها ، وهذان طريقان معروفان للأشاعرة ، وكلاهما مخالف لمذهب السلف في باب الصفات: حيث يثبتونها على ما يعرف من معناها في لغة العرب ، من غير تأويل لها ، أو تشبيه لصفات الله تعالى بصفات خلقه ، أو تمثيل لها ، جل الله تعالى عن كل عيب ونقصان.