فسأل أهل مكة عمرو بن ود ، من هو أجبن من رأيت ؟ وأذكى من رأيت ؟ وأشجع من رأيت ؟ ، قال: أجبن من رأيت غلامٌ بائعٌ في مَحل صرخت فيه صرخةً فسكت قلبه ومات في لحظة ، أمَّا أذكى من رأيت رجلاً رأيته يسبح في النهر فناديته أخرج لي فإني قاتلك ، قال من المنادي ؟ ، قلت أنا عمرو بن ود ، فقال الرجل إني لأنا قاتلك ولكن لا تقاتلني إلا بعد أن ألبس ثيابي وأتسلح وأمتطي جوادي ، فلبس ثيابه وتسلح ولم يمتطي جواده ، فقال عمرو اركب جوادك لنتقاتل ، فقال الرجل أنت وعدتني ألا تقاتلني إلا وأنا على صهوة جوادي ، وظل سائراً على الأرض ولم يأخذ عمرو منه حقٌ ولا باطل.
"كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فضلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه" – ضرار بن ضمرة واصفا الإمام.
لنقرر من كل هذا أن قتل سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان عملًا فرديًّا قام به ابن ملجم نتيجة بغض يكنه له؛ وحب لفتاة جعلت زواجه منها مقرونًا بقتل سيد المتقين، ومن ثَمَّ لا يوجد أيّ سبب لقبول هذه الرواية، وهي الأكثر شهرة على كل حال والتي بعد التفحيص والتعليل يتخللها الاضطراب وتفوح منها رائحة الدعاية السياسية، والدعاية السياسية تعتمد أول ما تعتمد على مناوءة الخصوم والدخول إليهم من حيث تلتف الجماهير حولهم من طرق: الإيمان والكفاح والإنسانية والدين حتى وإن استدعى ذلك طريق وداعهم وفراقهم لأهلهم وذويهم.
من هو قاتل علي بن أبي طالب؟ قاتل الصحابيّ الجليل علي بن أي طالب، هو عبد الرحمن بن عمرو، المعروف بابن ملجم الحميريّ. [١] كيف قُتل علي بن أبي طالب؟ خرج ابن ملجم ووردان وشبيب متجهون إلى المسجد، وجلسوا مقابل السدّة التّي يخرج منها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فخرج منها وهو يقول: "الصلاة، الصلاة" فباشره شبيب بالسيف فضربه به، واتّجه نحوه ابن ملجم فضربه بالسيف فسال منه الدم، وقال له: إنّ الحكم لله -تعالى- ليس لك ولا لأصحابك وهو يقصد بأصحابه معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ثم قرأ الآية الآتية وهي قول الله تعالى في سورة البقرة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. من الذي قتل علي بن ابي طالب رضي الله عنه. [٢] [٣] ما آخر ما قاله علي بن أبي طالب قبل موته؟ حين احتضر الصحابي الجليل علي بن أبي طالب أخذ يكثر من قول: "لا إله إلّا الله" وقرأ هذه الآية الكريمة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، [٤] وأوصى ولديْه الحسن والحسين -رضي الله عنهما- بتقوى الله والتفقّه في الدين، ووصاهما بأخيهما محمد ابن الحنفيّة. [٢] [٣] كيف كانت الأحوال قبل مقتل علي بن أبي طالب؟ في السنة التي استشهد فيها علي بن أبي طالب، كان قد وُقّع هدنة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- على وضع الحرب بينهما، وكان فيها أنَّ ملك العراق سيستقر لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وملك بلاد الشام سيستقر لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، واستقرّت الأمور بينهما على ذلك، لكن الأمور في العراق لم تكن قد استقرّت، فخذلوا علي بن أبي طالب وتخلوا عنه، وزادت الفتن وضاق الأمر على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعظُم أمر أهل الشام وزعموا أنَّ الإمرة يجب أن تكون لمعاوية.
قال البركُ: بلى، إن عليًّا يخرج ليس معه من يحرسه، فأمر به معاوية فقتله. "