هل أحاديث عذاب القبر موضوعة ؟..هكذا أجاب البخارى فى صحيحه بإفراده باب: ما جاء فى عذاب القبر.. دار الإفتاء :عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع.. ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكره - اليوم السابع

وبذلك فلا معنى لأن يعاقبهم قبل ذلك وإلا فسيخلف وعيده لهم. ومثل ذلك ما جاء في سورة الزلزلة بعد أن ذكر أحوال قيام الساعة، حيث يقول: "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)" فالناس قبل قيام الساعة لم يقفوا بعد على أعمالهم أكانت شرا أم خيرا، وقد تزيد هذه الأعمال أو تنقص كما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن رسول الله (ص) أنه قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا". أما في سورة يس، فنرى الأموات يتساءلون عمن بعثهم من جديد من مرقدهم في إشارة واضحة إلى أنهم كانوا رقودا أي نياما، وأن الزمن كان بالنسبة إليهم متوقف، كأصحاب الكهف الذين ذكرت قصتهم في القرآن الكريم، إذ يقول تعالى: "ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)".

عذاب القبر بين القرآن والسنن

وقد قال الله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى}، حدثنا عبدان: أخبرني أبي، عن شعبة: سمعت الأشعث، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر. فسألت عائشة رضي الله عنها عن عذاب القبر، فقال: (نعم، عذاب القبر حق). قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر. دار الإفتاء المصرية أكدت أن عذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية التي لا تُعلم إلا عن طريق الوحي، والإيمان بالغيب هي أول صفة للمتقين جاءت في القرآن الكريم؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۞ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ ،وقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة من السنة النبوية الشريفة التي أُمِرنا بالأخذ بها وتصديقها؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾. وأخبرنا سبحانه أن كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم فهو وحيٌ يجب الإيمان به؛ فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾،وورد في القرآن الكريم ما يدل على عذاب القبر في قوله تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ ، فعرضهم على النار غدوًّا وعشيًّا هو ما يلقونه في البرزخ من عذاب القبر قبل يوم الساعة، وبعدها يُدخَلُون أشد العذاب.

وأخيراً أقول يا إخوتي وأخواتي، لا يغرنكم قول من يدعي أن الأحاديث الشريفة التي تخالف القرآن أو تخالف العقل هي غير صحيحة، ونقول إن فهمه لهذه الأحاديث غير صحيح. ففي كتاب الله الكثير من الآيات لا يستوعبها العقل البشري، مثل معجزات الأنبياء... فقد سخر الله لسيدنا سليمان عليه السلام الجن والشياطين والريح التي تجري بأمره... وانشق القمر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم... وأنجى الله سيدنا إبراهيم عليه السلام من النار وعطل قانون الاحتراق... وكل هذا لا يمكن تفسيره حسب قوانين الفيزياء والكون، ولكننا كمسلمين نشهد بأن كل ما جاء في كتاب الله وما صح عن رسول الله هو الحق، ولا نقول بأن هذه الأحاديث تخالف العقل، بل نقول إننا لم نفهمها حق الفهم، وعقلنا البشري محدود جداً. وإن إنكار بعض الأحاديث الصحيحة يقود إلى إنكار بعض آيات القرآن بحجة أنها تخالف العقل... وسبحان الله، إذا كان بعض علماء الغرب الملحدين يقولون إننا لم نكتشف من أسرار الكون إلا القليل جداً، فماذا ألا يجدر بنا نحن المسلمين أن نحترم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نطعن بحديث صحيح لأن هذا يقدم حجة لأعداء الإسلام للطعن في هذا الدين الحنيف. ونقول كما قال تعالى: ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85].