كيف يكون ظلم النفس - أجيب

كلنا ظالمون ولكن بدرجات متفاوتةٍ، وأشكال عدّة، منّا من يظلمُ نفسه عندما يحُمِّلها ما لا تطيق وتحتمل، عندما يسيء في اختياراته، عندما يعصي ربه، وظلمُ الإنسانِ لنفسه كان أول ظلمٍ شهدته البشرية، إذ أن في قول الله تعالى: قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ إشارة إلى ذلك، حيث جاءت هذه الآية بعد عصيان سيدنا آدم وحواء أمر الله تعالى وعدم امتثال أمره حين نهاهُما عن الأكل من تلك الشجرة، فكانت عاقبتهما أن هبطا من الجنَّةِ إلى الأرض. كيف الأنسان يرقي نفسه - أجيب. ظلمُ الإنسان لنفسه إما ينجمُ عن جهلهِ أو غفلته، لذلك جعل الله طلب العلم فريضةً على كلِّ مسلم، وكان أول ما نزل من القرآن الكريم كلمة "اقرأ". فحريٌّ بالإنسان أن يبحثَ عن كلِّ علمٍ ينفعُهُ أينما كان؛ ليكونَ فطناً يعلمُ ما يناسبهُ في حياته من خيارات، فيدفعَ عن نفسهِ الضَّرر، ويقي نفسَهُ من السَّقمِ والعلل، ففي إتلافِ الإنسان لصحته ظلم، وفي هدرِ وقته على توافه الأمور ظلم، كما في إطالة النَّدم وبالعلمِ يمسكُ الإنسانُ زمامِ أمورِ حياتهِ، وينظِّمُها ويترك جميلَ الأثر. أما النَّوعُ الثاني من الظلمِ وهو الأدهى والأَمَّر، ظلم الإنسان لغيره من البشر، هذا الظلم الذي لا يُستهانُ بهِ أو يُغتَفر، الذي يلقي بصاحبهِ في سَقر، وإن كان مؤدٍّ لفروضهِ الخمسة، ومن النَّوافلِ ما تيسَّر.

  1. كيف الأنسان يرقي نفسه - أجيب

كيف الأنسان يرقي نفسه - أجيب

1- ظلم العبدِ لنفسه؛ بتعريضها للهلاك والخسران في الدنيا والآخرة، بارتكابه لما حرمه الله، وتركِه لما أوجبه الله عليه. أ- الكفرُ بالله، والشرْكُ به سبحانه: أعظمُ الظلم وأشدّه قبحا أن يُشرك الإنسان بالله تعالى، أن يتخذ غير الله إلها يعبده ويدعوه ويخشاه ويرجوه من دون الله، أن يجعل لغير الله نصيبا في عبادته وطاعته. قال تعالى: ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 148]. وقال عز وجل: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لمّا نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ (الأنعام/ 82) شقّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله؛ أيّنا لا يظلم نفسه؟ قال: «ليس ذلك، إنّما هو الشّرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه:﴿ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ (لقمان/ 13).

وقال إن "ظلم النفس أيضًا بأن يرفع الإنسان أمره إلى الطاغوت مثلاً، لكن عندما يرفع الإنسان أمره للحاكم، لا نعرف أيحكم لنا أم لا؛ وقد يهديه الله ساعة الحكم". وتابع في سياق تفسيره قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلموا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ}، قائلاً: "فالمسألة أنهم امتنعوا من المجيء إليك يا رسول الله؛ فأول مرتبة أن يرجعوا عما فعلوه، وبعد ذلك يستغفرون الله؛ لأن الذنب بالنسبة لعدم مجيئهم للرسول قبل أن يتعلق بالرسول تعلق بمن بعث الرسول، ولذلك يقولون: إهانة الرسول تكون إهانة للمرسِل؛ فصحيح أن عدم ذهابهم للرسول هو أمر متعلق بالرسول ولكن إذا صعدته تجده متعلقاً بمن بعث الرسول وهو الله، لأن الرسول لم يأت بشيء من عنده، وبعد أن تطيب نفس الرسول فيستغفر الله لهم، إذن فأولاً: يجيئون، وثانياً: يستغفرون الله وثالثاً: يستغفر لهم الرسول". ومضى: "بعد ذلك يقول سبحانه: {لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً} إذن فوجدان الله تواباً رحيماً مشروط بعودتهم للرسول بدلاً من الإعراض عنه ثم أن يَستغفروا الله؛ لأن الله ما أرسل من رسول إلا ليطاع بإذنه، فعندما تختلف معه لا تقل: إنني اختلفت مع الرسول؛ لا. إنك إن اختلفت معه تكون قد اختلفت مع من أرسله وعليك أن تستغفر الله".