ان كنتم تحبون الله

فالإخلاص لله في دينه إنّما يكون بحبّه تعالى. * الحبّ: خضوعٌ والتزام الحبُّ هو الوسيلة الوحيدة لارتباط كلّ طالبٍ بمطلوبه وكلّ مريدٍ بمراده، وبه ينجذب المحبُّ إلى محبوبه؛ ليجده ويتمّ به ما للمحبّ من النقص. ولا بشرى للمحبّ أعظم من أن يبشَّر بأنّ محبوبه يحبُّه. فالعبد المخلص لله بالحبّ لا بغية له إلّا أن يحبَّه الله سبحانه، كما إنّه يحبّ الله، ويكون الله له كما يكون هو لله عزَّ اسمه، إلّا أنّ الله سبحانه لا يعدّ في كلامه كلَّ حبّ له حبّاً، فإنّ حبّ الشيء يقتضي حبَّ جميع ما يتعلّق به، ويوجب الخضوع والتسليم لكلّ ما هو في جانبه، والتدُّين له بدين التوحيد وطريق الإسلام، على قدر ما يطيقه إدراك الإنسان وشعوره. تفسير: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم). * الإسلام دعوة وإخلاص وقد عرّف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سبيله الذي سلكه بسبيل التوحيد وطريقة الإخلاص على ما أمره الله سبحانه، بقوله: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (يوسف: 108) ، فذكّر أنّ سبيله الدعوة إلى الله على بصيرة، والإخلاص له من غير شرك. فسبيله دعوة وإخلاص، واتباعه واقتفاء أثره إنّما هو في ذلك، فالإخلاص علامة مَن اتّبعه.

  1. ان كنتم تحبون الله فاتبعوني

ان كنتم تحبون الله فاتبعوني

كانت أوامر الله ورسوله تأتي مخالفة تماماً لما تهواه النفوس.. بل لما تعودا عليه فتكون الاستجابة سريعة فما إن تخرج حروف الأمر والنهي ثم تلامس أسماعهم حتى تكون أداة المحبة (الفعلية) قد برزت.. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذٍ الفضيخ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: "ألا إن الخمر قد حُرمت"، قال أنس: فقال لي أبو طلحة: أخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة. [رواه البخاري]. وفي رواية: فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل. [رواه البخاري]. لم يكن الأمر بحاجة إلى التوعية بأضرار المخدرات ، وإصدار النشرات التحذيرية، أو المرور عبر مستشفيات القضاء على الإدمان، وإنما كل ما هنالك أن الخمر (قد حُرِّمت) وكفى!! وما إن تستقر النفوس حقيقة { وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحيٌ يُوحى} [النجم: 3، 4] حتى ترى السرعة في الاتباع والطاعة، عندها لا تكون الأحكام الشرعية عرضة للنقاش.. وفاكهة مجالس السمر بين مؤيد ومعارض.. ومنصف!! فمن قائل: لماذا حرم الإسلام هذا؟ ولماذا ترك هذا؟! ان كنتم تحبون الله فاتبعوني. والأحق بالتحريم ذاك؟! عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس في الصبح بقباء جاء رجل فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل الليلة عليه قرآن وقد أُمر أن يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها وكان وجه الناس إلى الشام فاستداروا بوجوههم إلى الكعبة.

(12) الأثر: 6849- سيرة ابن هشام 2: 228 ، وهو بقية الآثار التي آخرها رقم: 6824. (13) في المطبوعة: "نظير أخبارنا" ، وفي المخطوطة: "نظير احسار بالله" غير منقوطة. وظاهر أن المطبوعة حذفت ما كان رسمه "لله" ، وظاهر أن قراءتنا لنصها هو الصواب إن شاء الله. (14) في المطبوعة: "إن كنتم تزعمون... " بحذف "كما" ، فأثبتها من المخطوطة.