ثمانية ازواج من الضأن

وبذلك يعرف معنى قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ﴾ ( 4) فهل المحرم عندكم من الإبل والبقر الذكران وهما الجمل والثور أو المحرم منهما الأنثيان وهما الناقة والبقرة أو أنَّ المحرم هو الأجنة التي اشتملت عليه أرحام الأنثيين من الإبل والبقر. وأما خلفية نزول هذه الآية والتي بعدها والتي قبلها فهو أنَّ عرب الجاهلية من المشركين كانوا يحرِّمون بعض أصناف هذه الأنعام الأربعة على أنفسهم ويحرمون بعضها على نسائهم دون رجالهم ويحرمون بعضها على فئة خاصة من رجالهم ويحلونها لأخرين منهم ، وينسبون ما يدعونه من تحريم وتحليلٍ إلى الله تعالى. بيان معنى قوله تعالى: (ثمانية أزواج من الضأن اثنين..). فهذه الآية والتي بعدها جاءت للتشنيع والاستنكار على ما يدعون، ومؤدى ذلك هو النفي لدعواهم وأنها لا تمتُّ لله تعالى بصلة. وقد تصدت آيات أخرى أيضاً لنفي مدعياتهم فيما حرَّم الله من الأنعام وما حلَّل. فمن ذلك قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ ( 5).

  1. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنعام - القول في تأويل قوله تعالى " ثمانية أزواج من الضأن "- الجزء رقم12
  2. بيان معنى قوله تعالى: (ثمانية أزواج من الضأن اثنين..)
  3. ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنعام - القول في تأويل قوله تعالى " ثمانية أزواج من الضأن "- الجزء رقم12

* * * و " الضأن " جمع لا واحد له من لفظه, وقد يجمع " الضأن " ، " الضَّئين والضِّئين ", مثل " الشَّعير " و " الشِّعير ", كما يجمع " العبد " على " عَبيد، وعِبيد ". (5) وأما الواحد من ذكوره فـ " ضائن ", والأنثى " ضائنة ", وجمع " الضائنة " " ضوائن ". وكذلك " المعز " ، جمع على غير واحد, وكذلك " المعزى " ، وأما " الماعز ", فجمعه " مواعز ". -------------------- الهوامش: (1) انظر تفسير (( الزوج)) فيما سلف 1: 514 / 2: 446 / 7: 515 / 12: 150. (2) من قصيدته العجيبة المعلقة ، وهذا البي في أوائل الشعر ، يصف هوادج ظعن الحي. و (( المحفوف)) ، يعني الهودج ، حف بالثياب والأنماط. ثمانيه ازواج من الضأن اثنين. و (( العصى)) ، خشب الهودج ، تظلله وتستره الثياب والأنماط. و (( الكلة)) الستر الرقيق. و (( الرقام)) ستر فيه رقم ونقوش وتماثيل. (3) انظر معاني القرآن للفراء 1: 360. (4) انظر تفسير (( النبأ)) ، فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ). (5) كل ذلك بفتح الضاد ، والشين ، و العين = ثم بكسر الضاد ، والشين ، والعين. وقد نصوا على ذلك في (( الضئين)) و (( الشعير)) ، ولم أوفق إلى العثور على ذلك في (( العبيد)) ، وهو موجود إن شاء الله فيما أذكر. وقالوا: إن كسر (( الضاد)) لغة تميمية.

بيان معنى قوله تعالى: (ثمانية أزواج من الضأن اثنين..)

انتهى من "مختصر الصواعق المرسلة" (ص 441). وهذا هو نفس اختيار الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله ، كما في "فتاواه" (13/ 100). وهذا القول الأخير هو أظهر الأقوال –والله أعلم- لأن فيه إبقاء الآية على ظاهرها ، وتفسير النزول بما يدل عليه في اللغة العربية. وهذا القول لا ينافي القول بـ (خلق) ولا القول بـ (قدر) ولكنها يزيد عليهما في المعنى. ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام. وأما القول بأن الأنعام قد نزلت من السماء ، فهو قول ضعيف لم يدل عليه دليل ، ولذلك أعرض عنه عامة المفسرين ولم يذكروه ، كابن جرير ، وابن كثير ، والطاهر بن عاشور رحمهم الله وغيرهم. ومن ذكره من المفسرين: لم ينسبه إلى أحد من العلماء ، وإنما يقولون: وقيل:.... إلخ. ونحو ذلك ، كما فعل القرطبي رحمه الله وغيره ، وبعضهم صرح بضعف هذا القول ، كالألوسي رحمه الله فإنه قال: "وقيل: الكلام على ظاهره ، والله تعالى خلق الأنعام في الجنة ثم أنزلها منها. ولا أرى لهذا الخبر صحة " انتهى من "روح المعاني" (23/240). وأما القول بأن الحديد أنزل من خارج الأرض لقوله تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) فلم يثبت هذا القول ، والخلاف في آية الحديد كالخلاف في آية الأنعام ولا فرق ، ولذلك يذكر المفسرون الآيتين معا عند الكلام على إحداهما.

ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام

الحمد لله. اختلف المفسرون في معنى إنزال الأنعام المذكور في الآية الكريمة على عدة أقوال ، نكتفي بذكر أشهرها. فذهب كثير منهم إلى أن المعنى: خلق ، واقتصر بعض المفسرين على هذا القول ، ولم يذكر خلافه ، كابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/86) ، وابن الجوزي في "زاد المسير" (5/245). وهو ظاهر صنيع ابن جرير رحمه الله (20/162) حيث اكتفى في تفسير (أنزل) بـ (جعل) ولم يذكر غيره. وقال ابن كثير رحمه الله: " قَوْلُهُ: (وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) أَيْ: وَخَلَقَ لَكُمْ مِنْ ظُهُورِ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ " انتهى. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنعام - القول في تأويل قوله تعالى " ثمانية أزواج من الضأن "- الجزء رقم12. وذهب آخرون إلى أن المعنى: قضى وقَدَّر ، قالوا: "لأن قضاء الله وتقديره وحكمه موصوف بالنزول من السماء،لأجل أنه كتب في اللوح المحفوظ كل كائن يكون ". انظر: " تفسير " الرازي (26/424). "فالإنزال عبارة عن نزول أمره وقضائه" ، انظر " تفسير ابن جزي " (2/217). "والإنزال مجاز عن القضاء والقسمة ، فإنه تعالى إذا قضى وقسم ، أثبت ذلك في اللوح المحفوظ ، ونزلت به الملائكة الموكلة بإظهاره" انتهى من "روح المعاني" (23/240). وجمع السعدي رحمه الله بين هذين القولين فقال: " أي: خلقها بقدَرٍ نازل منه ، رحمة بكم " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 719) وذهب فريق ثالث: إلى أن الإخبار عن الأنعام بالإنزال "لأنها لا تعيش إلا بالنبات ، الذي يخرج بالمطر المنزل من السماء".

وقيل إنَّ المراد من الأثنين في قولِه تعالى: ﴿مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ﴾ هما الضأن الأهلي والضأن الوحشي، وكذلك فإنَّ المراد من قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ﴾ هو المعزُ الأهليُّ والمعزُ الوحشيُّ وهكذا الإبل والبقر. وهذا مرويٌّ عن أبي عبدالله الصادق (ع) حيثُ رُوي أنَّه قال: "الضانُ اثنين زوجٌ داجنة يربِّيها الناسُ والزوجُ الآخر الضانُ التي تكون في الجبال الوحشيَّة.. ومن المَعز اثنين زوجٌ داجنة يُربِّيها الناس والزوجُ الاخر الظباء التي تكون في المفاوز، ومن الإبل اثنين البخاتي والعراب، ومن البقر اثنين زوجٌ داجنه للناس والزوجُ الآخر البَقرُ الوحشيَّة"(3). وبناءً على ذلك يكون كلٌّ من الذكر والأنثى زوج واحد فالضأنُ زوجان أهليٌّ ووحشيٌّ ،والمعزُ زوجان أهليٌّ ووحشيٌّ وهكذا الإبل والبقر فمجموعُ الأفراد ستة عشر والأزواج ثمانية كلُّ صنفٍ من الأربعة زوجان. وأما قولُه تعالى: ﴿قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ﴾ فهو استفهامٌ استنكاريٌّ موجَّه للمشركين، ومعناهُ ما هو المحرَّم بزعمِكم هل هما الذكران من الضأن والمَعز أو هما الأنثيان من الضأنِ والمَعز أو أن المحرَّم بزعمِكم هي الأجنَّة التي اشتملت عليها أرحامُ الأنثيين من الضأنِ والمَعز.

14071 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله: ( ثمانية أزواج) ، قال: هذا في شأن ما نهى الله عنه من البحائر والسيب قال ابن جريج يقول: من أين حرمت هذا ؟ من قبل الذكرين أم من قبل الأنثيين ، أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ؟ وإنها لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى ، فمن أين جاء التحريم ؟ فأجابوا هم: وجدنا آباءنا كذلك يفعلون. 14072 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط ، عن السدي: ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ، ومن البقر اثنين ومن الإبل اثنين ، يقول: أنزلت لكم ثمانية أزواج من هذا الذي عددت ، ذكر وأنثى ، فالذكرين حرمت عليكم أم الأنثيين ، أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ؟ يقول: أي: ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، ما تشتمل إلا على ذكر أو أنثى ، فما حرمت عليكم ذكرا ولا أنثى من الثمانية. إنما ذكر هذا من أجل ما حرموا من الأنعام. 14073 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن: ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) ، قال: ما حملت الرحم. 14074 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: ( قل آلذكرين حرم أم الأنثيين) ، قال: هذا لقولهم: ( ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا).