قال تعالى:" وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا" سورة الاسراء اية ٨١ ان كان الظلم قد استشرى.. فاعلم ان العدل ابقى ان كان الظالم قويا.. فاعلم ان الحق اقوى ان كان المعتدي كبيرا… فاعلم تماما ان الله اكبر هل اتت فعلا احلك ساعات الظلام؟ هل حلَت العتمة في القلوب الانام؟ لا اكاد اناقش احدا في احوال الامة العربية عموما واحوال فلسطين خصوصا الا و اجده قد تحول الى اليأس بإسم الواقعية. فلا مجال للجدال مع هذا وتلك ان هزيمة الطغيان ممكنة وان طال الزمان، فقوة العدو اقنعتهم ان النصر ليس بالامكان وهذا النوع من الناس له صنفان، احدهما يرى في مقاومة القوي تهلكة فينصح الناس: ان استكينوا، وكأنه وجد تحريما للمقاومة في كلام الرحمن. أما الاخر فقد مل من الحق وكأنه لا يأتي ابدا ففضل النسيان. وكلاهما يبحث عن ما يريح ضميره. فإن سمع عن حال بلد واهله قال ما بالي انا بالحق ان هم قد فقدوا ارادة المقاومة. وقل جاء الحق وزهق الباطل. فيصبح الحل عنده السلام والحب والتعايش مع من سلب الارض و الحقوق وقتل الكرامة دون تحقيق العدالة. نسي ان الباطل لا يعرف حدودا وانه سيصيبه يوما ان لم ينصر اخاه اليوم علينا ان نعلم ان الباطل يزهق حتى وان كان زمانه قد طال، بل هو زهوق بحق قول العزيز المتعال بلادنا لم ترى النور منذ زمن.
( إن الباطل كان زهوقا) ذاهبا يقال: زهقت نفسه أي خرجت. أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا صدقة بن الفضل حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود [ في يده] ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل " " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ". ﴿ تفسير الوسيط ﴾ ثم بشره- سبحانه- بأن النصر له آت لا ريب فيه فقال- تعالى- وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً. والحق في لغة العرب: الشيء الثابت الذي ليس بزائل ولا مضمحل. والباطل على النقيض منه. والمراد بالحق هنا: حقائق الإسلام وتعاليمه التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه- عز وجل-. والمراد بالباطل: الشرك والمعاصي التي ما أنزل الله بها من سلطان، والمراد بزهوقه: ذهابه وزواله. البراءة لرجل الأعمال لطفي عبد الناظر. يقال: فلان زهقت روحه، إذا خرجت من جسده وفارق الحياة. أى: وقل- أيها الرسول الكريم- على سبيل الشكر لربك، والاعتراف له بالنعمة، والاستبشار بنصره، قل: جاء الحق الذي أرسلنى به الله- تعالى- وظهر على كل ما يخالفه من شرك وكفر، وزهق الباطل، واضمحل وجوده وزالت دولته، إن الباطل كان زهوقا، أى: كان غير مستقر وغير ثابت في كل وقت.
وقال قتادة: إن نبي اللّه صل اللّه عليه وسلم علم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب اللّه، ولحدود اللّه، ولفرائض اللّه، ولإقامة دين اللّه؛ فإن السلطان رحمة من اللّه، جعله بين أظهر عباده، ولولا ذلك لأغار بعضهم على بعض فأكل شديدهم ضعيفهم. {سُلْطَانًا نَصِيرًا}: قال مجاهد: حجة بينة، واختار ابن جرير الأول، لأنه لا بدّ مع الحق من قهر، لمن عاداه وناوأه، ولهذا يقول تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد:25]. وفي الحديث: «إن اللّه ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن، وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع.