ودواء هذا المرض يحصل باهتمام الفرد بنفسه أساسا للخروج من " الإمعية" وتحقيق المراقبة الذاتية ومحاسبة النفس ثم السعي للجمع بين البواطن والظواهر للخروج من الإزدواجية والعمل على أن يتحول الفرد في حد ذاته لأمة وصدق الله العظيم القائل" إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"النحل120.
فمنهم المنافقون المداهنون، الذين يُسِرُّون خلاف ما يعلنون، أو يراؤون الناس ويزعمون أنهم مخلصون. ومنهم الجبناء المستضعفون، الذين تأخذهم من الناس هيبةٌ تُخرِس ألسنتَهم، وتُعمي قلوبهم، فلا يقولون حقًّا، ولا يُنكِرون باطلاً. من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله - إسلام ويب - مركز الفتوى. ومنهم الذين يوادُّون من حادَّ الله ورسوله، ويتَّخذون بطانة من دونهم لا يألونهم خَبالاً. يتزلَّف هؤلاء إلى الناس، ويترضَّونهم بمساخط الله،؛ رجاء حظٍّ موهوم، أو جاهٍ مزعوم، أو عَرَض خادع، أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم الخطبة الثانية ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ وشرٌّ من هؤلاء: مَن يشتري مساخط الله بسخرية الناس وازدرائهم، من أولئك المجاهرين الماجنين، والسخفاء المتظرّفين، ومَن على شاكِلتهم. والمسلم في تعامله مع الناس يترفَّق في المعادلة، أو يتلطَّف في المجاملة، أو يُداري السفهاء في غير مسٍّ لكرامته ودينه، ولكن إذ لم يكن بد من أحد الأمرين: سخْط الله، أو سخْط عباده، آثر الحقَّ على الخَلْق، ولم يبالِ الناس شيئًا.
فَقَالَ لَا غَرَائِبَ حَدِيثِهِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَتَبَتْ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: إِنَّكَ إِنِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاكَ، وَإِنِ اتَّقَيْتَ النَّاسَ لَمْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا فَاتَّقِ اللَّهَ. وهذا مما يقوي أن المحفوظ هو الخبر الموقوف. فالصواب أنه من كلام عائشة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وفق الله الجميع.