[ ص: 49] هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تعليل للأمر بذكر الله وتسبيحه بأن ذلك مجلبة لانتفاع المؤمنين بجزاء الله على ذلك بأفضل منه من جنسه وهو صلاته وصلاة ملائكته. والمعنى: أنه يصلي عليكم وملائكته إذا ذكرتموه ذكرا بكرة وأصيلا. وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله هو الذي يصلي عليكم لإفادة التقوي وتحقيق الحكم. والمقصود تحقيق ما تعلق بفعل يصلي من قول ليخرجكم من الظلمات إلى النور. والصلاة: الدعاء والذكر بخير ، وهي من الله الثناء. وأمره بتوجيه رحمته في الدنيا والآخرة ، أي اذكروه ليذكركم لقوله فاذكروني أذكركم وقوله في الحديث القدسي فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملأ خير منهم. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأحزاب - الآية 43. وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين فيكون دعاؤهم مستجابا عند الله فيزيد الذاكرين على ما أعطاهم بصلاته تعالى عليهم. ففعل ( يصلي) مسند إلى الله وإلى ملائكته لأن حرف العطف يفيد تشريك المعطوف والمعطوف عليه في العامل ، فهو عامل واحد له معمولان فهو يستعمل في القدر المشترك الصالح لصلاة الله تعالى وصلاة الملائكة الصادق في كل بما يليق به بحسب لوازم معنى الصلاة التي تتكيف بالكيفية المناسبة لمن أسندت إليه.
بشرى المؤمنين برحمة أرحم الراحمين في قوله سبحانه: هو الذي يصلي عليكم وملائكته
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا واللهُ يَذكرُكمْ ما ذَكرْتُموه، ويَرحَمُكمْ بذلك، ويُثني عَليكمْ عندَ مَلائكتِه، وهمْ يَدعونَ ويَستَغفِرونَ لكمْ كذلك، ليُخرِجَكمْ مِنْ ظُلُماتِ الجَهلِ والمعاصِي إلى نُورِ العِلمِ والإيمانِ والطَّاعَة، وكانَ رَحيمًا بالمؤمِنينَ إذْ هَداهُمْ للحَقِّ في الحيَاةِ الدُّنيا، وأعدَّ لهمْ ما يَسُرُّهمْ في الآخِرَة. { هو الذي يصلي عليكم} يغفر لكم ويرحمكم { وملائكته} يستغفرون لكم { ليخرجكم من الظلمات إلى النور} من ظلمات الجهل والكفر إلى نور اليقين والإسلام. هو الذي يرحمكم ويثني عليكم وتدعو لكم ملائكته؛ ليخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الإسلام، وكان بالمؤمنين رحيمًا في الدنيا والآخرة، لا يعذبهم ما داموا مطيعين مخلصين له.
واللام في قوله ليخرجكم متعلقة بـ ( يصلي). فعلم أن هذه الصلاة جزاء عاجل حاصل وقت ذكرهم وتسبيحهم. هو الذي يصلي عليكم وملائكته سبب النزول. والمراد بالظلمات: الضلالة ، وبالنور: الهدى ، وبإخراجهم من الظلمات: دوام ذلك والاستزادة منه لأنهم لما كانوا مؤمنين كانوا قد خرجوا من الظلمات إلى النور ( ويزيد الله الذين اهتدوا هدى). وجملة وكان بالمؤمنين رحيما تذييل. ودل بالإخبار عن رحمته بالمؤمنين بإقحام فعل ( كان) وخبرها لما تقتضيه كان من ثبوت ذلك الخبر له تعالى وتحقيقه وأنه شأن من شئونه المعروف بها في آيات كثيرة. ورحمته بالمؤمنين أعم من صلاته عليهم لأنها تشمل إسداء النفع إليهم وإيصال الخير لهم بالأقوال والأفعال والألطاف.