صم بكم عمي فهم لا يرجعون

401 - حدثنا بشر بن معاذ ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قوله " صم بكم عمي ": صم عن الحق فلا يسمعونه ، عمي عن الحق فلا يبصرونه ، بكم عن الحق فلا ينطقون به.

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 171

(الكافرين)، جمع الكافر، اسم فاعل من كفر يكفر باب نصر على وزن فاعل. البلاغة: 1- التشبيه التمثيلي: في قوله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ) فهو تمثيل لحالهم أثر تمثيل ليعم البيان منها كل دقيق وجليل ويوفى حقها من التفظيع والتهويل فإن تفننهم في فنون الكفر والضلال وتنقلهم فيها من حال إلى حال حقيق بأن يضرب في شأنه الأمثال ويرضى في حلبته أعنة المقال ويمد لشرحه أطناب الإطناب ويعقد لأجله فصول وأبواب لما أن كل كلام له حظ من البلاغة وقسط من الجزالة والبراعة لابد أن يوفى فيه حق كل من مقامي الإطناب والإيجاز. صم بكم عمي فهم لا يرجعون. 2- المجاز المرسل: في قوله تعالى: (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ). حيث عبّر بالأصابع عن أناملها والمراد بعضها لأنهم إنما جعلوا بعض أناملها. وهو من باب اطلاق الكل وإرادة الجزء. انه مشهد عجيب حافل بالحركة مشوب بالاضطراب فيه تيه وضلال وفيه هول ورعب، وفيه أضواء وأصداء هو مشهد حسي يرمز لحالة نفسية، ويجسم صورة شعورية كأنها مشهد محسوس.. إعراب الآية رقم (20): {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}.

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - الآية 18

(22) هذه الأخبار 398 - 401: تتمة ما مضى في تفسير صدر الآية ، بالأرقام: 386 ، 387 ، 388 ، 390. (23) سياقه: "إخبار من الله عز وجل.. أنهم لا يرجعون.. ". (24) هذه الأخبار 402 - 404: تتمة ما مضى في تفسير صدر الآية. بالأرقام: 401 ، 400 ، 398. (25) في المطبوعة: "إلى وقت دون وقت" ، وهو خطأ. (26) في المطبوعة: "ينبئ عن أن.. (27) في المخطوطة "دعوى ناظر" ، وصوابها "دعوى باطل" بالإضافة.

الباحث القرآني

وفي قوله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا ﴾ [البقرة: 17] إشارة إلى أن المنافقين لما آمَنوا بألسنتهم ولم تؤمِن قلوبُهم، كان ما معهم من النور كالمستعار، وذلك إنما حصل لهم بسبب وجودهم بين ظهرانَي المؤمنين. وفي قوله: ﴿ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ﴾ [البقرة: 17] إشارة إلى أن النور لم ينفذ إلى قلوب هؤلاء المنافقين، وإنما كان خارجًا عنها؛ لذا لم يستفيدوا منه إلا استفادة ظاهرة مادية مؤقتة. وفي قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ [البقرة: 17] تشبيه للمنافقين بمن حصلت له إضاءة ثم أعقبها ذهاب النور وتركهم في ظلمات لا يبصرون؛ لأن المنافقين آمنوا ثم كفروا، أو لأنهم آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ﴾ [المنافقون: 3]. صم بكم عمي فهم لا يرجعون دعای زبان بند. وفي قوله تعالى: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ تأكيد لذهاب النور كلية عن هذا المستوقد ومن معه، وذهاب الإضاءة من باب أولى؛ لأنها ثمرة النور، ففيها تأكيد بانعدام النور كلية من قلوب هؤلاء المنافقين في الدنيا، فهم في حيرة واضطراب وشك وجهل وكفر، وهكذا حالهم في البرزخ وفي عرصات القيامة.

هذا التشبيه بصاحب النار الذي استوقدها، يكون باعتبار أن انتفاع هؤلاء في الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور، وأن عذابهم في الآخرة شبيه بالظلمة بعده، هذا ذكره بعض أهل العلم وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ.