27 شوال 1428 ( 08-11-2007) بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى: أما بعد.. فصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان يردد في خطبه إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار كيف لا يكون كذلك والمتأمل المتبصر في كلام الفصحاء وأحاديث وأقاويل البلغاء يشهد بأن أصدق الحديث كتاب الله.
وهو فرقان فرق فيه بين صفات أهل الجنات وسبيلهم وبين صفات أهل النيران وسبلهم. ومن أوصافه أنه برهان قال - تعالى -: ( يَا أَيٌّهَا النَّاسُ قَد جَاءَكُم بُرهَانٌ مِن رَبِّكُم وَأَنزَلنَا إِلَيكُم نُوراً مُبِيناً) ( 9) فهو برهان أي حجة من الله لعباده المؤمنين وحزبه المفلحين وهو حجة على الضالين والزائغين فالقرآن هو البرهان القاطع والدليل الواضح الساطع على الحق والهدى ولذلك كان وقعه على أعدائه أشد من وقع السيف والسنان. من صفات القران الكريم. أمة القرآن إن من أوصاف هذا الكتاب المبين ( ومن أوصافه أنه موعظة) وشفاء، وهدى ورحمة للمؤمنين قال الله - تعالى -: ( يَا أَيٌّهَا النَّاسُ قَد جَاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصٌّدُورِ وَهُدىً وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنِينَ) ( 10) فالقرآن أبلغ موعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وهو أنجع الأدوية لما في الصدور والقلوب من الآفات والأمراض والأدناس، ففيه الشفاء من أمراض الشبهات والشهوات وفيه علاج أمراض الأفراد والأمم والمجتمعات. وهو هدى ورحمة للمؤمنين، يبين لهم الصراط المستقيم، ويدلهم على النهج القويم، ويوضح لهم معالم طريق الفائزين بجنات أرحم الراحمين. ومن أوصافه أنه النبأ أي الخبر العظيم قال - تعالى -: ( قُل هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ( 67) أَنتُم عَنهُ مُعرِضُونَ) ( 11) فهو عظيم في وعده ووعيده وترغيبه وترهيبه وأحكامه وأخباره وهو عظيم في أمثاله وأقاصيصه.
كنت كلما أتيت على قوله: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" (الرحمن: 13)، قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد" (رواه الترمذي). أ. د. قصي الحسين
عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه". وقال اللّه تعالى في صفة القرآن الكريم: "اللّه نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء ومن يضلل اللّه فما له من هاد" (الزمر: 23). وتوعد اللّه سبحانه الذين يصدفون عن القرآن ويتركون آياته وراء ظهورهم بسوء العذاب. يقول تعالى: "فمن أظلم ممن كذب بآيات اللّه وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون" (الأنعام: 157). صفات القرآن. تأثير القرآن وقد وصف اللّه تعالى شدة تأثير القرآن فقال سبحانه: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله" (الحشر: 21). ومن شدة تأثيره في المسلمين الأوائل، كانوا يتلونه بشوق وإيمان، فكان لهم حنين وأنين، وعاشوا به سعداء كرماء. وقد وصف أحد الكتاب الأفاضل شدة تأثير القرآن فيهم فقال فيهم: "لقد صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه، وأخلصوا دينهم للّه، وخلصت نياتهم، وحسنت أعمالهم، واستقروا على نهج الاستقامة، وباعوا أنفسهم للّه، حتى استطالوا الحياة، واستبطأوا الشهادة، أملاً بما عند اللّه من خير للأبرار". وكان أحدهم يسمع القرآن فيسرع إلى اللّه في الشهادة، وهو يقول: وعجلت إليك ربي لترضى.