شرح حديث: لا تتمنوا لقاء العدو

وكان من الصحابة رضي الله عنه أنس بن النضر، قال: «إني لأجد ريح الجنة دون أحد». انظر كيف فتح الله مشامَّه حتى شم ريح الجنة حقيقة دون أحد، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه فوُجِد فيه بضع وثمانون ضربة ما بين سيف، ورمح، وسهم، وغير ذلك؛ فقتُل شهيدًا رضي الله عنه؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ». دعاء لقاء العدو اللدود. ثم قال عليه الصلاة والسلام: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ»؛ وهذا دعاء ينبغي للمجاهد أن يدعو به إذا لقي العدو. فهنا توسَّل النبي عليه الصلاة والسلام بالآيات الشرعية والآيات الكونية. توسَّل بإنزال الكتاب؛ وهو القرآن الكريم؛ ويشمل كل كتاب، ويكون المراد به الجنس؛ أي: منزل الكتب على محمد وعلى غيره. «وَمُجْرِيَ السَّحَابِ»؛ هذه آية كونية؛ فالسحاب المسخر بين السماء والأرض لا يجريه إلا الله عز وجل، لو اجتمعت الأمم كلها بجميع السماء والأرض لا يجريه إلا الله عز وجل، لو اجتمعت الأمم كلها بجميع آلاتها ومعداتها على أن تجري هذا السحاب أو أن تصرف وجهه ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا؛ وإنما يجريه من إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون.

دعاء لقاء العدو اللدود

مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 10/12/2019 ميلادي - 13/4/1441 هجري الزيارات: 68042 عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي أَوفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيوفِ». ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ» [1] ؛ متفق عليه. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبدالله بن أبي أَوْفَى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض غزواته، فانتظر حتى مالت الشمس؛ أي: زالت الشمس، وذلك من أجل أَنْ تُقْبِل البرودة، ويَكثُر الظل، وينشط الناس، فانتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم خطيبًا. دعاء لقاء العدو الريفي. وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس خطبًا دائمة ثابتة كخطبة يوم الجمعة، وخطبًا عارضة، إذا دعت الحاجة إليها قام فخطب عليه الصلاة والسلام وهذه كثيرة جدًّا، فقال في جملة ما قال: «لَا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ الْعَدُوِّ»؛ أي: لا ينبغي للإنسان أن يتمنى لقاء العدو، ويقول: اللهم ألقني عدوي!

«وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ»؛ قل: اللهم عافنا. «فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ» وابتليتم بذلك، «فَاصْبِرُوا»، هذا هو الشاهد من الحديث؛ أي: اصبروا على مقاتلتهم، واستعينوا بالله عز وجل، وقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا. دعاء العدو - ووردز. «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»؛ نسأل الله من فضله! فالجنة تحت ظلال السيوف التي يحملها المجاهد في سبيل الله؛ لأن المجاهد في سبيل الله إذا قُتِل صار من أهل الجنة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169- 171]. والشهيد إذا قُتِل في سبيل الله فإنه لا يحس بالطعنة أو بالضربة، كأنها ليست بشيء، ما يحس إلا أن رُوحه تخرج من الدنيا إلى نعيم دائم أبدًا، نسألك اللهم من فضلك. ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ».