ومن أهم رثائياته بكائيته المشهورة طواه الردى التي رثا فيها أوسط أولاده لمّا وافته المنية، وابتدع فيها صوراً جديدة في أوانه، من أهمها صورة الولد وهو ينازع ويذوي كما يذوي القضيب من الرند. ولم يقف ابن الرومي عند فضائل فقيده، وواسطة عقده، وإنما أغرق في ذكر وَقْع الفجيعة على نفسه التي ناءت بها حملاً ثقيلاً حتى أشفق عليها من الألم وفداحة المصاب، كما قدّم في كل بيت من القصيدة صورة جديدة لنفس ابنه التي تسّاقط أنفساً تساقط درٍ من نظام بلا عقد، يكمن فيها من جمال اللغة، وبراعة الوصف، وحسن التصوير، ما يجعلها، في بابها، أجمل توقيع على وقع الزمن.
بتصرّف. ↑ ابن منظور، لسان العرب ، صفحة 316. بتصرّف. ↑ ابن منظور، لسان العرب ، صفحة 443. بتصرّف. ↑ ابن منظور، لسان العرب ، صفحة 413. بتصرّف. ↑ "موطني الجلال والجمال" ، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2021. صدور كتاب وعي الحداثة وهاجس التجريب لـ عزت عمر. ↑ "أعوذ بحقويك العزيزين أن أرى" ، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2021. ↑ " ديننا حبك يا هذا الوطن" ، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2021. ↑ " أغنيات إلى الوطن" ، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2021.
كانت حياة أبي الحسن علي بن العباس بن جريج المعروف، بابن الرومي، حياةً مريرةً مملوءة بالأحزان والفجائع والأحداث الأليمة في أغلبها، وقد ألقت هذه الأحداث بظلالها المفعمة بالحزن والألم على حياته، وكست نظرته لها، وتركت في نفسه آثاراً سيئة علقت في ثنايا صدره، وخامرت إحساسه، وداعبت وجدانه، وغازلت قلمه الشعري، فصاغت شعريته برهافة وبراعة ممزوجة بطعم الفجيعة، والتقلّب، والخوف، والاضطراب. وقد كان لتلك الأحوال التي عاشها ابن الرومي تأثير مباشر في حياته، وتمثّله للأشياء، وإحساسه بها، وإدراكه لكنهها، فجاء شعره محكم البناء، قوي الوَقْعِ، شديد التأثير، صادق التعبير، بديع التصوير، طرق فيه كل مواضيع الحياة وأحوالها وأهوالها، من ملذات وآلام، وآمال وأحلام، وأفراح وأتراح، وموت وحياة، وسعادة وشقاء كما استحضر فيه عادات الناس وطرائق معيشتهم ومختلف أحوالهم، وعرضها في كل أغراض الشعر التقليدية، التي جادت بها قريحته، واتسعت لها مداركه ومعارفه، من مدح وهجاء، وغزل ووصف، وفخر ورثاء. وكان حاد العبارة، ضيق الصدر، سريع الانفعال، فتعثرت في وصفه الأفهام، وحارت في تقييمه الأقلام. وقد كانت رثائياته أجمل صوراً، وأغنى معنى، وأصدق عاطفة، وأرهف إحساساً، جال بها في أعماق النفس المكلومة، وعرض أحوالها المأزومة.
السرّ.
السبت 16/أبريل/2022 - 06:11 م حبيب الصايغ صدر حديثا عن مؤسسة العويس الثقافية بدبي وضمن سلسلة "أعلام من الإمارات" كتاب حبيب الصايغ وعي الحداثة وهاجس التجريب للكاتب والناقد عزت عمر. تناول الفصل الأوّل من الكتاب جانبًا من سيرة الحياة الشخصية للشاعر الراحل حبيب الصايغ وشملت نشأته في أبوظبي ومراحل تعليمه ونبوغه المبكر، وأضفت لسيرته في ذات الفصل توصيفاً عاماً لشعره وتوجّهاته الفنية على شكل شهادات في شعره من خلال مقابلاته الصحفية أو زاويته اليومية في صحيفة «الخليج» إضافة إلى شهادات لعدد من الشعراء والنقّاد والإعلاميين. وجاء الفصل الثاني تحت عنوان «القصيدة الكتاب» تتبع الكاتب مراحل تطوّر النصّ الشعري وفق صدور دواوينه على التوالي منذ العام 1980 ديوانه الأوّل «هنا بار بني عبس.. الدعوة عامة»، وهو كما يبدو من العنوان نصّ إشكالي يمزج بين زمنين: زمن القبيلة وزمن كتابة النصّ أواخر السبعينيات، إذ بدا شاعراً يهتمّ بالقضايا العامة للأمة العربية، مستلهماً حكاياته من التراث الإماراتي والتراث العربي عموماً، فيحضر الربّان أسد البحر أحمد بن ماجد إلى جانب عنترة تذكيراً بمجريات الصراع على الخليج. وتناولت الكاتب بالتحليل ديوانه «ميارى» وهو بدوره قصيدة واحدة، خصص لها كتاباً كاملاً حيّا فيه المرأة العربية والأنوثة من خلال المرأة الرمز الكلّي «ميارى»، وإلى جانبه تناولت ديوانه الإشكالي شكلاً ومضوناً «أسمّي الردى ولدي» وهو أشبه بخطاب تحدّ للموت والرغبة في الحياة، ديوان يتألّف من قصيدة واحدة، ولعلّها من أبلغ ما كتبه الشاعر على صعيدي اللغة والمجاز.